أشرف مصطفى توفيق : التاريخ المكتوب بقلم روج (3) سامية جمال حافية على جسر الذهب واسرار ملكية تنشر لأول مرة

كثيرون كتبوا عن سامية جمال واسرار علاقتها بالملك فاروق , وجميعهم كان ناقلا عن الكاتب أشرف مصطفى توفيق وخاصة من كتابيه , الملك فاروق العرش الذي أضاعه الهوى , نساء الملك فاروق 
ولكن ها هو الكاتب أشرف مصطفى توفيق يحكي لنا بنفسه القصة كاملة حيث يواصل الكاتب الكبير أشرف توفيق الرحلة التي بدأها تحت عنوان : التاريخ المكتوب بقلم روج , ويحكي لنا في هذه الحلقة ( الحلقة الثالثة ) , حكايات سامية جمال , الراقصة الملكية , او الراقصة الرسمية كما أسماها فاروق , ويكشف لنا أسرار ظلت غامضة في حياة سامية جمال وأهمها علاقتها بالملك فاروق , هل كانت علاقة بريئة أم علاقة جسدية !!
الحلقة الثالثة :

سامية جمال حافية على جسر الذهب

( حكايات وأسرار )
سامية جمال


كانوا يسمونها «راقصة مصر» لأنها رقصت أمام الملك فاروق في (دوفيل) على شاطئ الريفير الفرنسية! وكانوا يسمونها «الراقصة الحافية» لأنها خرجت عن المألوف ورقصت حافية في الحفلات والأفلام ومشيت وراءها بعد ذلك جميع الراقصات!.

أما لقب «راقصة مصر الرسمية» فقد منحه لها فاروق بنفسه، ومن يومها صارت الراقصة الوحيدة التي تدخل قصر عابدين وترقص في حفلات الملك الخاصة.. والعامة! ومع أن تحية كاريوكا سبقتها ورقصت في قصر عابدين في زواج الملك فاروق من الملكة فريدة.

إنها سامية جمال.. الفراشة الفرعونية للرقص الشرقي، فلاحة من قرية (ونا) بمركز الواسطى - بني سويف، وُلِدَتْ في 27 مايو 1924 وهي أحد مواليد برج الثور الذي تحكمه الزهراء وكل مواليده من أصحاب المواهب في الأدب والفن وحب الحياة.

وفي بداية الخمسينات عادت إلى مصر، في وقت جاءت فيه الثورة وخرج الملك، لتجد سؤال على لسان الجميع يُقابلها: 
ما هي قصتك مع الملك فاروق؟! 
هل تزوجتي من الأمريكي عبد الله كينج لتهربي منه؟!
 لماذا لم تتزوجي من «فريد الأطرش»؟! 
من هن الراقصات اللاتي كُن معك في قصر عابدين؟!

وفي سنة 1954 توجه الصحفي الكبير «م. ص» إلى شقتها في عمارة (ليون) بالزمالك وقدَّم لها قلم فاخر ومجموعة أوراق وقال لها: 
- ياريت تكتبي مُذكراتكِ وضعي شروطك ولن نختلف
قاطعته قائلة : لكني يا أستاذ لا أعرف القراءة والكتابة مع أنني أجيد الإنجليزية والفرنسية جيدًا.
 وأضافت من خلال ضحكتها العالية لا تندهش أو تتعجب فإن حياتي مليئة بما هو أعجب وأكثر غرابة.

- سامية جمال تحكي قصة حياتها :

وتألق وجه الصحفي الكبير لا بأس لتحكي هي ويكتب هو.. 
- قولي يا سامية هانم؟! 
فقالت: ولكني ليس عندي ما أقوله عن جلالة الملك فاروق! 
وأرسل لها في اليوم الثاني أحد الصحفيين الصغار، فأهم ما عندها لا تريد أن تفصح عنه (الملك فاروق!).
وبدأت تروي حكايتها مُنذ البداية.. ولكنها حكاية البنت الفلاحة، التي استطاعت أن تنقل اسمها من دفاتر الأحوال المدنية إلى أفيشات شوارع الفن في الأربعينات والخمسينات من (زينب محمد خليل) وهو اسمها إلى سامية جمال، ونشرت الصحف والمجلات الفنية حكايتها على لسانها:
«أبي نزح من بني سويف إلى القاهرة بعد ولادتي بأسبوع واحد، وأقمنا في بيت قديم بجوار جامع سيدي الحسين، ووالدي تزوج من اثنين: الأولى فلاحة من الشرقية وأنجب منها أربعة صبيان وبنت، أما الزوجة الثانية فكانت أُمي مغربية الأصل ورزقت هي الأخرى بولد واحد وبنتين أنا أصغرهما، فأنا آخر العنقود».
«ماتت أُمي.. السياج الذي كان يحميني من مُؤامرات زوجة أبي الأُولى التي أصبحت هي الآمر الناهي في البيت أثناء غياب أبي، أما في وجوده فهي تتفنن في إثارته ضدي ثم ينهال على جسدي النحيل ضربًا بالعصا حتى أفقد الوعي، هربت من البيت إلى أختي المتزوجة وعشت معها أعوامًا طويلة ثم انتقلت إلى الحياة مع جارة لنا كانت تسكن في نفس الشارع.. كان واحد من أقاربها يعمل بفرقة الراقصة «بديعة مصابني» وعندما رآني شعر بأني امتلك مواهب كثيرة ترشحني وتُؤهلني للعمل بالفرقة، وبالفعل كان أول ظهوري في رأس السنة لعام 1939».
«أًصبحت تسليتي الوحيدة الجلوس في الشباك المطل على المقهى استمع للراديو إلى أن خطف أُذني صوت جديد هز كل كياني كان هو صوت فريد الأطرش في أُغنية (بحب من غير أمل) وتمر الأيام ويزداد حبي لصوته الجميل وعشقي لأنغامه حتى اشتريت مجلة فنية وجدت صورته فيها فاحتفظت بها وأخفيتها في مكان أمين لأراها كل يوم. وهكذا تعلقت بفريد قبل أن أراه أو أعمل معه!! وفي فيلم (انتصار الشباب) غمرتني فرحة غامرة لأني اشتركت في رقصة جماعية ورأيت فريد الأطرش، وتنبه فريد لي بعد فيلم (تاكسي حنطور) ومثلت معه فيلم «حبيب العمر» وفيه كان مولد حبنا الذي عاش واستمر سنوات عديدة، ولكن شاءت الأقدار أن ننفصل في هدوء».
وسألها الصحفي الصغير قاطعًا الاتفاق الذي تم بينها وبين (م. ص) أن تقول ما عندها ولم يسألها فيه أحد: 
لماذا لم تتزوجي فريد الأطرش؟! 
وردت بلا اعتراض: لقد عشت مع فريد الأطرش 8 سنوات لا يربطنا إلا الحب، فقلت له أعتقد أن الأوان قد جاء لنتزوج، فرماني بكلمة أصابت قلبي.. وأقفلته، قال:
 لن أتزوج من راقصة!
سامية جمال وفريد الاطرش

«وسارت بي الحياة من نجاح إلى شهرة إلى نجومية وعرفت خلال المشوار الطويل شخصيات عظيمة وأمراء وباشوات وكبراء، لكني لم أشعر بالحب نحو أحدهم حتى تعرفت إلى زوجي الأول وكان أمريكيًا اسمه «شبرد كينج» أسلم وتزوجنا وسافرت معه في رحلة زواج إلى أمريكا، ولكن زواجي لم يستمر طويلًا (سنتين) عُدت بعدها لبلدي لأستأنف حياتي الفنية.. ».

- قصة سامية جمال وفريد الأطرش والعمدة الثري :

ويذهب (محمد وجدي) لها والغريبة أنها تفتح قلبها وذكرياتها له
لقد سألها: هل فاروق هو السبب في أن يتركها فريد؟! 
هل هي التي فضلت الملك على الموسيقار؟! 
قالت له: لقد كان هُناك عمدة ثري زبونًا في نفس الوقت بصالة بديعة أُعجب بها وعرض عليها الزواج رسميًا وليس العرفي، ولكن قلبها كان وقتها مع (فريد الأطرش)، ولكن اللي يحب ما يكرهش زي ما بيقولوا.. فقد وقفت هذا العمدة معي وكان يحضر ومعه زبائن كثيرة من أصحابه ويهللون ويصيحون يطلبونني، ولما كانوا يُمثلون موردًا ماليًا للصالة فقد قررت بديعة مصابني أن أرقص يوميًا (رقصة مُنفردة) وكان للقرار أثره السيء في نفوس الزميلات، حتى أني ذهبت يومًا لمنزل الست بديعة وطلبت منها أن تقبل اعتذاري عن الاستمرار معها من كثرة مقالب الزميلات، حتى أن تحية كاريوكا اشتركت مرة في إحدى هذه المقالب وقطعت أجزاء من بدلة الرقص قبل نمرتي بلحظات! ولكنها رفضت وضاعفت أجري.
المهم أنه عندما فكر فريد في فيلم «حبيب العمر» واحتاج لفلوس، تقدم العمدة وعرض عليه الدخول شريكًا في الإنتاج بشرط واحد (أن أكون أنا بطلة كل أفلام الشركة) ولكن الشركة انفصلت بعد ثلاثة أفلام!! بسب دسائس فؤاد الأطرش أخو فريد عن (العمدة).

ولم يقف فؤاد عند هذا الحد بل تدخل فيما بيني وبين فريد عاطفيًا، وجاءني وقال لي أنت فين مكانك من أمير من أسرة الأطرش. وأعتقد أنه هو السبب في عدم زواجنا، فقد كان مُؤثرًا جدًا على فريد وأخته أسمهان.

- ولا كلمة ولا حرف .. عن فاروق!!

ويكتب محمد وجدي ذكرياته التي نشرها مُؤخرًا في مجلة "كلام الناس" :
«ورغم صداقتنا كانت تصر على الصمت والاعتذار عن كتابة مُذكراتها.. وعندما كانت في أمريكا – خلال فترة إقامتها – سجلت خواطر، ولأنها تجهل القراءة والكتابة فقد طلبت سكرتيرة تجيد اللغة العربية وقامت بإملاء صفحات من خواطرها بعنوان «زوجي العزيز» وتحدثت عن الرجال الذين عرفتهم في حياتها، ولكنها بعد عودتها احتفظت بهذه الخواطر في دولابها الخاص ورفضت نشرها، ورغم أن السكرتيرة سربت اسم 17 شخصية عرفتها سامية جمال، إلا أنه لم يكن من بينها فاروق ولا بليغ حمدي ولا رشدي أباظة، وإذا كان من المُمكن أن يفهم سبب عدم ذكر الآخرين لأنها لم تكن عرفتهم بعد، فإن عدم ذكر فاروق يعني أنها لم يكن بينها وبينه علاقة واضحة مُحددة».

- تحية كاريوكا تحكي عن سامية جمال .

سامية جمال وتحية كاريوكا
أما الفنانة تحية كاريوكا والتي عرفت الفنانة سامية جمال مُنذ 55 سنة أي مُنذ 1939 بكازينو بديعة مصابني فتقول: أنا وسامية اشتركنا في حاجات كتير، فقد طورنا الرقص الشرقي وهربنا بالزواج في أمريكا وتزوجنا معًا رشدي أباظة (بالطبع لم تذكر أنهما أيضًا ارتبطا بالملك فاروق).
ثم تذكر أن سامية كانت مُختلفة عن مُعظم الراقصات، فهي ترقص بشياكة ولها طلعة مُميزة على المسرح، ثم أنها أدخلت الكثير من التعديل على بدلة الرقص فجعلتها بألوان قوس قزح وأضافت إليها (السيرما) – تطريز مُعين – وأذكر أننا ومعنا رشدي أباظة سافرنا لمدة شهر معًا إلى لبنان والناس كانت تستغرب أنه لا يوجد بيننا إحساس بالضغينة أو الحرج.
سامية جمال
لقد كُنا أخوات وأكثر، ثم تذكر شهادة على درجة من الأهمية «كانت سامية عاطفية جدًا وأذكر أنها تألمت وكانت صدمتها بالغة حينما صدق فريد الأطرش كلام أخيه عنها وكانت النتيجة أنهما تركا بعضهما بعد قصة حب وسنوات طويلة من العمل سويًا» أي أنها تُؤكد ما قالته سامية نفسها لم يكن فاروق سببًا في الهجر بينهما!!

سكرتير الملك فاروق يحكي :
وحينما توفت سامية جمال بعد أن أجريت لها جراحة في مستشفى مصر الدولي ثم استئصال تسعين في المائة من أمعائها خلالها، كان هناك تلغراف عزاء من «أمين محمد فهيم» سكرتير الملك فاروق السابق، وتذكرت الصحافة الرجل وذهبت تسأله وإذا به يُؤكد (أنه لم تكن هُناك علاقة من أي نوع بين الملك وسامية، وأن ما أشيع عن أن الملك أعجب بسامية لم يكن صحيحًا. وكل ما حدث أن فاروق كان يقضي الصيف في جزيرة كابري، وكان يتناول العشاء في أحد الملاهي الليلية التي تُصادف أن كانت سامية جمال ترقص فيه، وقد صفق الملك لها الجمهور بشكل عادي، ولم يُعاملها بشكل خاص. ومن المعروف ان الملك فاروق حين ظهرت سامية جمال على المسرح الفني في الأربعينات كان مُرتبطًا بفتاة فرنسية اسمها «سيمون دي لامار» وحينما غنت أمامه في كابري كانت علاقته متوطدة مع أني كرييه).

- شهادة سمير صبري على علاقة سامية جمال والملك فاروق 

وقد استضافت مجلة فنية لبنانية سمير صبري صديقها المُقرب ليتحدث عن ذكرياته معها فقال: 
«أصيبت بصدمة بالغة حينما قال لها أحد أفراد أُسرة فريد أنت فين مكانك من أمير من أسرة الأطرش؟! وقررت ان تنجح عالميًا وذهبت إلى فرنسا وكانت هي الفنانة المصرية الوحيدة التي قدمت استعراضات هناك، وكان يحضر هذه الاستعراضات الملك فاروق الذي أطلق عليها «راقصة مصر الأُولى»، وبالمناسبة هي لم يربطها بالملك فاروق آية علاقة سوى أنها كانت ترقص في الاحتفالات والمهرجانات التي يحضرها».

- مصطفى أمين هو صاحب التشهير بسامية جمال وعلاقتها الجنسية بالملك فاروق 

ولكن (مصطفى أمين) هو الذي كتب (25) صفحة كاملة عنها وعن علاقة جسدية بينها وبين الملك فاروق في كتابه الجميل (ليالي فاروق).. 
مصطفى امين

وهو المرجع الوحيد لهذه الحدوتة التي تعتمد عليه الكتب الصفراء التي تكتب عن فضائح فاروق والكُتب الحمراء التي يهمها حجرة نوم الملك!
وقد كتبها بطريقة روائية اشتهر بها، ولكنه لم يقل شاهدت أو تأكدت، وإنمال قال سمعت من فريد الأطرش؛ أي أنه نقل رواية من لسان فريد.

أما فريد فيقول: لقد قالت لي سامية نفسها! مع أن سامية جمال ولا كلمة ولا حرف عن فاروق!!
ولهذا وضعت الرواية بين قوسين ونحن نفعل مثله وننقل عنه، وللقارئ حرية التفكير.
يقول مصطفى أمين:
ذات يوم دخل «فريد الأطرش» إلى مكتبي شاحبًا أصفر الوجه، كرجل لم ينم مُنذ عدة أعوام، وكان يرتجف كالخائف، وكان أشبه بجثة هامدة تجلس على كرسي.
قلت له: مالك يا فريد؟
قال: خطفها.
قلت: مين خطف مين؟
قال وهو ينظر حواليه في رعب: الملك خطف سامية جمال!!
وأردت أن أعرف منه التفصيلات، وأفهمته أن الصحفي كالقسيس، وأنه يستطيع أن يعترف للصحف مُطمئنًا إلى أن الاعتراف سر مُقدس، لن يخرج من فم الصحفي.. وقلت له إني أعطيه كلمة شرف ألا أقول شيئًا مادام فاروق ملكًا.
قال فريد الأطرش: يعني إلى الأبد؟!
قلت: من يعرف ما تحسبه مستحيلًا اليوم، قد يبدو مُمكنًا بعد أيام.
وقام «فريد الأطرش» إلى الأبواب فأغلقها جيدًا، ثم اقترب مني وراح يهمس في أُذني بسره الخطير وكانت قصة مروعة، كان ذلك في عام 1949.
ولأن القصة تستغرق 25 صفحة من الكتاب بهذا الأسلوب الروائي الجميل، فأنا بعد هذه البداية أُلخصها بـ ..
الزواج المستحيل:
سامية: اسمع يا فريد أنا جئت لأطلب إليك أن تجيبني بصراحة هل سنتزوج أم لا؟!
فريد: لماذا هذا الموضوع الأبد؟ أننا نحب بعضنا، ونحن أسعد حالًا من جميع المتزوجين الذين نعرفهم.
سامية: لقد أعطيتك مهلة عدة سنوات، وانتهت المهلة ويجب أن تقرر.
ثم التفتت إلى فريد فجأة وقالت: 
باي.. سأرقص الليل في قصر عابدين.

وبقى (فريد الأطرش) ينتظر عودتها، ولكنها لم تعد.. وبدأ نور الفجر يشقشق.. وكانت سامية تقيم في بيت فريد الأطرش، وكانت لها شقة أُخر استأجرها لها فريد في الزمالك، وذهب فريد إلى بيتها في الزماك، ووقف في نافذة البيت ينتظرها، وحوالي الساعة الحادية عشرة صباحًا وقفت سيارة زرقاء، ونزلت منها سامية جمال.
ولمح فريد قائد السيارة فإذا هو (أنطونيو بوللي) مدير الشئون الخصوصية في القصر الملكي.

حكايتها مع فاروق :

صرخ فريد الأطرش وأمسك يدها يضغطها ويلوي ذراعها ويقول لها: قولي، ماذا فعلتِ مع الملك؟
وجلست سامية تروي قصتها:
كانت الحفلة الساهرة في القصر، وكان «فاروق» جالسًا بين حاشيته يضحك ويلعب ويقهقه، وكان في كل يد كأس، وكان في يد «فاروق» كأس من شراب أخضر قال لسامية إنه نعناع.. وكان حول «فاروق» بضع نساء يتطلعن إلى بعض في غيرة باسمه، يتبادلن القبلات وكأنهن يتبادلن الصفعات، وكان فيهن الجميلان وفيهن الدميمات، وكانت أثوابهن جميلة وغالية، ولكن سامية لم تلبث أن رأت ثوبها العادي أكثر جمالًا وأغلى ثمنًا.

وما لبثت «سامية» أن شعرت أنها الخيار المخلل الذي سوف يفتح شهية «فاروق»، رأته بعينيه وهي ترقص، فإذا التقت عيناه بعينيها تظاهر بأنه غافل عنها وهو يراها، وأحست سامية بسعادة لأنها تنتزع الملك من كل هؤلاء.
وفجأة مال عليها «فاروق»، وقال:
- هل سترقصين ثانية؟
قالت سامية: كما تأمر..
وفوجئت «سامية» بفاروق يقول لها:
- لا أريد أن ترقصي..
ثم أشار إلى الخدم وقال:
- اطلبوا من التخت أن ينصرف!
وظنت «سامية» أن هذا إيذان لها بالانصراف، وتهيأت لتقوم! وكان يبدو عليها التعاسة، أنها لن ترقص مرة أُخرى.
ولكن «فاروق» مد يده إليها، وأمسكها في يده وقال:
- التخت يذهب فقط، أما أنتِ فسوف تبقين.
ثم مال «فاروق» عليها وقال لها:
- سأتركك الآن، وسيخبرك «بوللي» بما يجب أن تفعليه.
وأقبل بوللي على سامية، يدعوها إلى الركوب في سيارة «فاروق» ورأت «فاروق» يجلس إلى عجلة القيادة، ويفتح لها الباب.. وأسرعت تجلس إلى جواره في المقعد الأمامي وكأنها تحلم.
واقتربت السيارة من مدينة حلوان فأشار لها «فاروق» إلى بيت على شاطئ النهر، وقال لها:
- هذا ركن فاروق.
سأصحبك إلى كل السهرات، سأجلسك بجواري في المجالس، سأجعلك راقصتي الرسمية، سأجبر باشوات هذا البلد أن يحنوا رءوسهم لك، سأجعلك تشعرين أنك أحسن من أي سيدة في مصر.. ولكن بشرط..
سامية: ماذا تطلب؟
فاروق: أن تقولي لي كل شيء بصراحة، ألا تكذبي عليَّ، أن تقولي لي أنك تحبيني عندما تحبيني، وأنك تكرهينني عندما تكرهينني.
سامية: أعدك بذلك..
فاروق: إذن، لماذا تشاجرتِ مع «فريد الأطرش»؟
سامية: لأنه رفض أن يتزوجني.
فاروق: إنني مستعد أن أرسل لفريد الأطرش من يطلب منه أن يتزوجك بأمري، فإذا رفض فسوف أسجنه، أوأنفيه من مصر، أو أقطع رقبته، جذبها فاروق من يدها داخل ركن «فاروق» وقال:
- إن الجو بارد هنا!! تعالي نعود إلى القاهرة.
وسار «فاروق» أمامها..
وسارت «سامية» وراءه..
ثم توقف «فاروق» قليلًا:
- ما رأيك في أن نمضي الليلة هنا؟ إنك ستنامين في غرفة الملكة.
وأمضت «سامية جمال» الليلة في غرفة الملكة في ركن فاروق، استيقظت في الصباح فلم تجد «فاروق»..
وإنما وجدت «بوللي» يدعوها إلى أن يوصلها بسيارته إلى دارها..
وقد شعرت «سامية» بخيبة أمل، إن «فاروق» اختفى دون أن يودعها، وبغير أن يحدد موعد لقاء جديد، ولم تفهم كيف يحدث هذا..
لقد أمضى «فاروق» الساعات الطويلة يُناجيها ويُناغيها، اعترف لها بحبه، وركع على قدميه في محراب غرامها، فأغمضت عينيها، لتدخل فردوسه الموعود، ولما فتحت عينيها لم تجده.
وبحثت «سامية» بعينيها في أرجاء الغرفة عن العاشق الملكي فلم تجده.
وسألت بوللي: أين ذهب؟ ومتى يعود؟
وقال «بوللي»: إنه إذا ذهب لا يعود..
ولا ينسى (مصطفى أمين) أن يحبش روايته فينهيها بمفاجأة:
ثم مضت الأيام، وظن الذين حول «فاروق» أنه نسي «سامية جمال».. ثم قامت ثورة الجيش وخلع الشعب فاروق عن العرش.. ودخلت لجنة القصور الملكية مخدع «فاروق» لتبحث فيه عن مُستندات وأسرار فاروق.. وفتحت اللجنة الدرج المُجاور للمخدع الملكي.. فوجدت فيه مجموعة صور «سامية جمال» وبجوارها إسطوانة مُحطمة: إسطوانة الأغنية المشهورة: «إنك الإغراء.. إنك الإغراء»(1).
الصدف الغريبة في حيا
المهم أن هناك عدة صدف غريبة في حياة سامية جمال، فكل منهما هي وفاروق أحب حرف (الفاء) وكانت معها ميدالية مفاتيحه فضية عليها الحرف (F) وقيل أنها تقصد فريد الأطرش، أما الناحية الأُخرى من الميدالية ففيها قلب!!
ثم أنها في يوم زواجها رزق الملك فاروق بحلمه الذي كان ينتظره من الملكة ناريمان، رزق بابنه (أحمد فؤاد الثاني) كان ذلك في صباح الأربعاء 16 يناير 1952 – بينما كانت هي تعقد قرانها على المسيحي شبارد كينج الذي أعلن إسلامه عند زواجها وقال: ليس أسهل من ذلك في مصر.. أشرب فنجان قهوة تركي مع شيخ من رجال الدين وأوقع قسيمة، وحينئذ أصبح مُسلمًا!!
سامية جمال وعبد الله كينج

وبينما كانت الطائرة تأخذها إلى أمريكا.. كانت مسرحية (لزقة إنجليزي) تعرض على مسرح الريحاني والناس تقف طوابير لترى فيلم (النمر) بطولة أنور وجدي ونعيمة عاكف، وكانت جوارب النايلون معجزة نسائية في شوارع القاهرة، وسمسون أكستر أشهر أنواع السجائر، والفيلم الأجنبي «خذني بعاري» يجد إقبالًا من الطبقة الأرستقراطية!!

- سر المجوهرات الملكية الثلاث التي غيرت مجرى الحكايات 

ورغم أني من المُتسامحين مع سامية جمال والمُشككين في قصة غرامها بالملك فاروق من كل ما سبق، إلا أنه قد جد جديد في الأمر قلب الشك 180 درجة ليصبح يقين - فقد نشر في باب (آخر لحظة) بمجلة آخر ساعة أنه اكتشف بعد وفاة سامية جمال أنها تركت في أحد البنوك مجوهرات ثمينة قُدِرَتْ بحوالي 8- مليون جنية – وأن هذه المجوهرات لا تزال داخل مصر في فرع من فروع بنك مصر – وأنه تُجرى محاولات لتهريبها من البلاد وبيعها خارج مصر، وأعلن الورثة أنهم لا يعلمون شيء عن المجوهرات.
سامية جمال
واتجه (ماجد الشربيني) محامي الورثة لإثبات أحقيتهم في المجوهرات – ولكن سرعان ما قلبت الكراسي بين الورثة وتقدموا ببلاغ للنائب العالم مُطالبين بالتحقيق لمعرفة حقيقة المحاولات المشبوهة لتهريب المجوهرات وبخاصة أن هناك صعوبات بنكية وقانونية لاستلام المجوهرات – في نفس الوقت الذي ظهر فيه شريط فيديو يعرض هذه المجوهرات وهي مكونة من 96 قطعة، وقد روج لها رجل أعمال لبناني يقيم في مصر، وبالرغم من أن القصة تثير نهاية مُفزعة في حياة سامية جمال حول من هو الشخص الذي توجد المجوهرات باسمه في خزائن البنك الآن؟! وما هي صفته التي جعلته يدعي أنه الوريث الوحيد الذي له حق التصرف فيها؟! وهذا يعني أنه زوجها!! وما هي حقيقة الدور الذي يلعبه البنك في إتمام الصفقة؟! ثم ما هو تاريخ إيداع هذه المجوهرات في خزائن البنك هل قبل وفاتها أم بعد الوفاة؟!
فإن ما يهمنا هو أن الفيلم الذي ظهر جعل أهل الخبرة يُؤكدون أن ضمن الـ 96 قطعة ثلاث قطع نادرة إحداها بها الطابع الإيراني، ويُرجح أن تكون للميرة فوزية الأخت الكبرى لفاروق وبروشين كانا ضمن ممتلكات الأُسرة الملكية!!
وحتى يتم إنهاء الأمر تبقى (قصة مصطفى أمين) أقرب القصص لتفسير حكاية الثلاث مجوهرات الملكية؟!




اضف تعليق

أحدث أقدم