النصف من شعبان وحديث الذكريات .. من مذكرات دكتور أحمد أبو ستيت
الدكتور أحمد أبو ستيت |
"النصف من شعبان"
تحتفل الأمة الإسلامية والعربية هذه الأيام بليلة مباركة، هى ليلة النصف من شهر شعبان المعظم. تعود بي الذاكرة إلى أيام الطفولة، ونفحات الاحتفال بهذه الليلة المباركة.
اتذكر عندما كان يظهر هلال شهر شعبان في السماء معلنًا بداية هذا الشهر الكريم، كانت أمي تأخذ إحدى طيور الأوز وتقوم بعزلها عن باقى الطيور في حظيرة المنزل، وتحضر كمية من الفول والذرة وتضعهم في وعاء به ماء، وتضع الأوزة تحت ساقها الممددة وتفتح فمها بيديها وتضع الفول والذرة المبلولة بيدها الأخرى فى فم الإوزة حتى تمتلئ معدتها، هذه العملية كانت تسمى عملية تسمين أو بالمعنى الدارك لدى العامة حينذاك "تزغيط" وهى تتكرر مرتين أو ثلاثة يوميًا، والغرض منها أن تمتلئ الإوزة باللحم لتقسم على كل أفراد الأسرة.
وفي النصف من شهر شعبان كنا نلتزم بصيام هذا اليوم، ثم نذهب لصلاة المغرب في المسجد القريب من بيتنا الريفى، وبعد الصلاة نهرول إلى البيت فرحين، مهللين، لتناول الفطور.
كان الفطور فى هذه المناسبة عبارة عن إوزة محمرة وفتة مصنوعة من العيش البلدي الذي كان يعد بدون خميرة كان يسمى "عيش رحالى وهو يشبه الكريب المنتشر الآن" الغارق فى مرقة الإوزة، وعلى سطح الفتة يوضع الأرز ويرش فوقه صلصة بالخل والتوم، وبجوار الفتة يوضع طبق ملوخية بالتقلية، أحيانا ملوخية خضراء واحيانا ملوخية ناشفة حسب المتاح.
نذهب بعد ذلك لصلاة العشاء، ونحضر حلقة الذكر المقامة بهذه المناسبة، وكانت حلقة الذكر تبدأ بتلاوة القرآن الكريم بصوت شيخ القرية العذب الشجى، تليها تواشيح وابتهالات بصوت عذب جميل من شيخ آخر من مشايخ قريتنا، ثم تنتهى الأمسية بدعاء من إمام المسجد ونحن نردد وراءه بصوت يهز أركان المسجد.
بعد انتهاء حلقة الذكر نهرول إلى البيت لنتناول أطباق الحلو، وكان عادة أرز بالحليب أو بليلة أو بقلاوة، ثم نخرج للعب مع الأطفال فى الشارع سعداء بهذه الليلة المباركة.