قدمت الدراما المصرية في عام 1994 مسلسلا باسم "السقوط في بئر سبع" الذي جسد حياة عائلة انشراح موسى ، ولعب فيه الفنان الراحل سعيد صالح دور الزوج ابراهيم شاهين فيما جسدت الفنانة إسعاد يونس شخصية انشراح موسى.
من هي انشراح موسى؟
وُلدت انشراح عام 1937 في محافظة المنيا في جنوب مصر، وحصلت على الشهادة الإعدادية عام 1951.
وبعد المرحلة الإعدادية تعرفت على ابراهيم شاهين في حفل زفاف أحد أقاربها، وخلال فترة قصيرة تزوجا وانتقلت للعيش معه في العريش حيث كان يعمل محاسبا بمكتب مديرية العمل هناك.
وقد اتُهم زوجها ابراهيم شاهين بالرشوة ودخل السجن لعدة أشهر، ليخرج منه عاطلا عن العمل.
وفي نفس الفترة وقعت حرب عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي لسيناء، فيما كانت إسرائيل تعمل على تجنيد عملاء.
وقد تعرف ابراهيم شاهين على الحاكم الإسرائيلي في سيناء عقب هزيمة 1967، حيث كان الانتقال من العريش للقاهرة يتطلب موافقة السلطات الإسرائيلية، وكان شاهين يرغب في الذهاب إلى القاهرة للاطمئنان على أبنائه الذين كانوا يعيشون لدى شقيقه أثناء فترة الدراسة فضلا عن أنه كان يذهب لمكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لطلب الطعام.
فتم تجنيد ابراهيم شاهين، وقد قدم له ضابط الموساد الذي جنده إغراءات وتعهد بإغداق النقود عليه وتأمين الحياة لاسرته في العريش.
وعندما سألت انشراح زوجها عن مصدر الأموال التي بحوزته، كشف لها عن العرض الإسرائيلي فرحبت بذلك المال.
مرحلة التجسس
تلقى الزوجان تدريبات على استخدام الحبر السري والرسائل المشفرة، كما تم تزويدهما بأحدث الكاميرات لتصوير المواقع العسكرية، كما تلقيا تدريبا متقدما على تمييز مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية وأنواعها.
قام ابراهيم شاهين بتجنيد الأبناء الثلاثة الذين عملوا على مصادقة أبناء الضباط لمعرفة مواعيد ومواقع عمل آبائهم.
وبات ابراهيم وإنشراح يحملان في "الموساد" الاسمين المستعارين موسى حاييم ودينا حاييم.
وسافر ابراهيم مع أسرته إلى القاهرة حيث شرعوا في العمل في جمع المعلومات وإرسالها إلى تل أبيب.
وقد نجحوا في إرسال معلومات استخدمتها إسرائيل في استهداف الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري خلال فترة حرب الاستنزاف.
وقد سافر ابراهيم شاهين وزوجته انشراح موسى عدة مرات بعد تجنيدهما إلى إسرائيل، وحصلا عقب حرب أكتوب من عام 1973 على جهاز لإرسال الرسائل المشفرة، حتى يتمكنا من إرسال المعلومات إلى تل أبيب بسرعة.
وبين عامي 1967 و 1974، وهي المدة التي تجسست فيها الأسرة لصالح إسرائيل، قاموا بإرسال بيانات عن المجتمع المصري بالإضافة إلى صور مواقع حساسة للجيش المصري.
القبض على انشراح موسى وزوجها
المخابرات المصرية تمكنت من التقاط ذبذبات جهاز الإرسال الذي أمدتهم به إسرائيل، وألقت القبض على ابراهيم شاهين في 5 أغسطس عام 1974.
وفي ذلك الوقت، كانت انشراح في رحلة إلى العاصمة الإيطالية روما لمقابلة أحد ضباط الموساد، وعادت إلى مصر في 24 أغسطس 1974، وعند وصولها إلى مصر فوجئت بضباط المخابرات المصرية يلقون القبض عليها، واعترفت أمام جهات التحقيق بعملها كجاسوسة لصالح إسرائيل.
وقالت انشراح موسى:" لقد صورت كل مطار وكل قاعدة عسكرية وكل جسر في القاهرة، وتم إخفاء الأفلام التي أُرسلت إلى إسرائيل، فكل 6 أشهر كنا نرسل أكثر من 40 لفافة أفلام".
واعترفت بأنها وزوجها تجسسا من أجل المال حيث كان يحصل كل منهما على 1750 دولارا في الشهر.
وزعمت موسى أنها وزوجها حذرا الموساد من عملية عسكرية وشيكة من قبل الجيش المصري في 6 أكتوبر عام 1973 ، لكن الاستخبارات الإسرائيلية تجاهلت تلك المعلومات
وقد أُدين ابراهيم شاهين وانشراح موسى وحُكم عليهما بالإعدام شنقا في 24 نوفمبر عام 1974.
وحُكم على الابن الأكبر بالسجن 5 سنوات، ونُقل الشقيقان الأصغر إلى دار للأحداث.
وفي عام 1979، قرر عادل شاهين أصغر الأبناء مغادرة مصر، وعبر سيناء بمساعدة مرشد بدوي ووصل إلى قطاع غزة الذي تحتله إسرائيل بعد 3 أشهر من توقيع إسرائيل ومصر اتفاقية السلام بينهما، وبعد وصوله إلى إسرائيل غير اسمه إلى رافي بن ديفيد.
وبعد وصول بقية أفراد الأسرة في نهاية المطاف إلى إسرائيل كان رافي بن ديفيد هو أول من اعتنق اليهودية في عائلته، ثم حذت والدته وشقيقاه في وقت لاحق حذوه، وباتت انشراح موسى تحمل اسم دينا بن ديفيد بدلا من الاسم المستعار دينا حاييم، كما تحول نبيل ومحمد إلى يوسي وحاييم.
قال رافي بن ديفيد لإذاعة الجيش الإسرائيلي لاحقا : "قبل شهر من الحرب، جمعنا أبي معا وسمعنا منه أن مصر تخطط لمهاجمة إسرائيل في الشهر المقبل، لقد نقل تلك المعلومات في 5 رسائل إلى المخابرات الإسرائيلية".
وأضاف قائلا: "لقد شعرنا بأننا إلى جانب أصدقائنا، وليس إلى جانب المصريين".
وقال: "لقد عشنا هنا عدة سنوات ولا أحد يعرف من نحن وكم ساهمنا في دولة إسرائيل، لقد دفع والدي حياته ثمنا. والآن، من أجله، أريد أن تعرف الدولة بأكملها من هو ابراهيم شاهين".
انشراح : لست نادمة
قالت انشراح موسى في تصريحات صحفية ذات يوم إنها لم تندم على التجسس لصالح إسرائيل.
لكنها أضافت أنها تشعر بالمرارة بسبب وضعها الاقتصادي، معتبرة أنها وزوجها ابراهيم شاهين عملا في المخابرات الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى تم القبض عليهما في عام 1974.
ولكن في نوفمبر عام 1989، اتهمت انشراح موسى المسؤولين الإسرائيليين بعدم تقدير الخدمات التي قدمتها هي وعائلتها لإسرائيل.
وقد حصل ابنائها على مكافأة من الحكومة الاسرائيلية 25 ألف دولار لكن دينا قالت أنها لم تحصل على شيء
وقالت إنها تعمل طاهية مقابل 500 دولار شهريا. وقد سافر أحد الأبناء للبرازيل مع زوجته الإسرائيلية، بينما عاش الابنان الآخران مع انشراح موسى في إسرائيل.
الوفاة بالاكتئاب
وكان رافي بن ديفيد قد كشف قبل وفاته أن اسم والدته الحقيقي هو انشراح علي مرسي وليس انشراح موسى.
توفيت الجاسوسة المصرية الأصل دينا بن ديفيد (انشراح موسى) عن عمر يناهز 84 عاما بمدينة تل أبيب الإسرائيلية بعد صراع طويل مع مرض الاكتئاب وذلك بعد أشهر من وفاة نجلها رافي بن ديفيد متأثرا بمرض السرطان حيث دفنت في تل أبيب على "الشريعة اليهودية".