بدأت حياتها الفنية مع كبار نجوم الفن، ولكن القدر كان يخبئ لها النجومية ولكن من خلف القضبان.
ففي عام 1998 اتهمت الفنانة حبيبة بقتل زوجها القطري، وأرغمت على الاعتراف بارتكاب الجريمة
وشغلت قضيتها الرأي العام، وتم معاقبتها بالسجن المشدد لعشر سنوات.
حبيبة محمد سعيد سالم
ولدت حبيبة في 28 سبتمبر 1976 بمحافظة الجيزة، وقبل بلوغها العشرين طرقت أبواب الفن
وشاركت في العديد من الأفلام والمسرحيات، منها “شباب تيك أواي”، و”رجل مهم جداً”، و”سلام مربع للستات”، و”كان يوم حبك”، و”بهلول في اسطنبول”، وظلت حبيسة أدوار ثانوية، وتطمح إلى الشهرة والنجومية.
تنقلت حبيبة بين كواليس السينما والمسرح، وأثناء مشاركتها في مسرحية “بهلول في اسطنبول” تعرفت على زوجها عطا الله جعفر، لأول مرة
وفوجئت به يرغب في التحدث معها، ويريد الزواج منها، وتأكدت من صدق مشاعره، وبعدها قررت الزواج منه شريطة أن يكون زواجًا سرياً لا يعلم به أحد غير أسرتها، وذكرت أن والده كان يعلم بهذه الزيجة وكان أول المهنئين.
وأضافت خلال لقاء تلفزيوني مع الإعلامية هالة سرحان، إن أسرتها وجيرانها وأهل المجني عليه، كانوا يعلمون بزواجها
وتأخر التوثيق لأن زواج المصرية من أجنبي لا يتم على يد المأذون مباشرة، وفي البداية يقوم المحامي بتوثيق أوراق رسمية، بعدها يأتي دور المأذون.
وأن زوجها كان بصدد إنهاء هذه الإجراءات، ولكن القدر لم يمهله، مؤكدة أن حياتها معه كانت مستقرة، باستثناء الخلافات البسيطة التي تحدث بين الأزواج، مثل اعتراضه على تأخرها في العودة للمنزل، بحكم عملها كفنانة.
وعن لحظات القبض عليها بعد وقوع الجريمة، قالت:
“كنت أفطر أول يوم من شهر رمضان مع بعض صديقاتي في ستوديو تصوير، وفوجئت بالشرطة على الباب، وأخبروني أنهم يريدونني في كلمتين وهارجع تاني، وأخدوني متغمية عشان ماعرفش مكاني، كل ده وأنا ماعرفش أخدوني ليه، وماكنتش أعرف إن زوجي قُتل، أول ما فتحت عيني وجدت نفسي على كرسي بثلاثة أرجل ومقيدة، ورأيت حولي عددا كبيرا من الرجال، وتخلل التحقيق معي شتائم وإهانات”.
وتابعت:
سألوني إنت قتلتي زوجك ليه؟
قلت لهم أكيد هناك شيء خطأ، لأني كنت أفطر وسأذهب لتصوير مسلسل “السيرة الهلالية” مع الأستاذ مجدي أبوعميرة، وحين قلت جايبني هنا ليه؟، تلقيت الضرب والإهانات، وكان يوجد رجل ضخم جدًا، شالني فوق ورزعني في الأرض بقوة ومن غير رحمة، الإحساس وقتها بيبقى صعب جدًا ولا يقدر يحسه غير اللي عاشه، وهددوني بهتك العرض، وهذا جعلني أعترف بجريمة لم أرتكبها، وقلت لهم اكتبوا ما تريدون بشرط ألا ينفذوا تهديدهم، وحينئذ قلت على الأقل أموت بكرامة وأموت مظلومة”.
وأكملت:
“دافعت عن نفسي كثيرًا دون فائدة وبكل أسف حدثت أشياء كثيرة لا داع لذكرها طوال هذه الأيام الأربعة والكلابشات في ايدي في كرسي بجوار مخبر
ولا أستطيع حتى الراحة ووصلت لمرحلة الانهيار الكامل، وبعد أن أخذت 45 يومًا حبسًا على ذمة القضية عملت إعادة تحقيق أكدت فيه أنني أُكرهت على الاعتراف، وأثبتُ في إعادة التحقيق ما حدث معي، واستندت إلى تقرير الطب الشرعي، لكن لم يؤخذ به
وبعدها بشهر ذهبت إلى المحكمة ولم ينتظروا حتى دفاع المحامي، لدرجة أنه لم يستطع الترافع ليأتي الحكم في القضية بسجني عشر سنوات
وحتى النقض في الحكم جاءني متأخرًا بعد أربع سنوات، والشق المستعجل تم رفضه لوقف التنفيذ”.
وعن حياتها داخل السجن قالت:
“قضيتها في عذاب أليم، وانتظار لكلمة الحق، وكان دعائي إلى الله أن يظهر الحق…
وفي الفترة الأولى لي في السجن أصبت بانهيار، ولا أكلم أحدًا أو أرى أحداً أيضاً، وكانت حالتي صعبة جدًا…
حتى أمر مأمور السجن بذهابي للكشف الطبي وكانت حالتي صعبة جدًا، بعدها بدأت أشعر بالهدوء النسبي قليلاً، بالإضافة إلى أنه أصبح أمراً واقعاً ولا جدال فيه”.
وأضافت: “هناك من صدقني داخل أسوار السجن، وهم قلة، إلا أن الكثيرين لم يصدقونني نظراً لاعترافي بارتكاب الجريمة
فهم لم يستوعبوا أنني وقعت على الاعتراف لكي أحمي نفسي وكرامتي وشرفي وشرف أهلي من الضابط الذي عذبني مدة ثمانية أيام شاهدت فيها العذاب بكل أشكاله
وكان من الممكن أن أصمد وأتحمل هذا التعذيب النفسي والمعنوي وجرح الكرامة
إلا أنهم هددوا بتعذيب أمي وأختي وجدتي، فاعترفت بكل شيء يريده الضابط إلى درجة أنه كان يذهب معي للنيابة، خوفاً من أن أغيّر أقوالي”.
وعن أقسى لحظاتها في السجن قالت:
“حصل زلزال وأنا في السجن، والناس كلها بدأت تبكي من الخوف. واحدة ماتت من الخوف داخل العنبر، أخدنا ننادي لينقذها أحد
حتى السجانات كان مقفولاً عليهن وليس معهن مفتاح. أيضاً كان من الصعب جداً أن أرى أهلي لأكثر من الدقيقة.
كلمة خلاص الزيارة انتهت ترن في أذني. تبقى أمي وحشاني ومحتاجة أجلس معها لكن لا أستطيع، كانت (رحمها الله) تبكي دائماً، وكانت تعلم أنني مظلومة”.
وكشفت تفاصيل آخر اتصال بزوجها مؤكدة أنه كان أوائل شهر ديسمبر عام 1998، وقبل حلول شهر رمضان بأيام ووقتئذ قال لها:
“قد أسافر لقضاء شهر رمضان في قطر وسأقوم بالاتصال بك”، وظلت تتصل به عبر الهاتف، وتتلقى رسالة مسجلة على جهاز “الأنسر ماشين”
وبعد أيام أصيبت بالذهول عندما سمعت خبر مقتل زوجها، ورغم أن زواجها منه لم يتعد 4 أشهر
فإنها لم تعرف عنه كل شيء، وكانت علاقاته طيبة، وليس له أعداء أو خصوم، ولم تجد سبباً واحداً كي يموت بهذه البشاعة.
وعن إحساسها بعد الحكم ببراءتها وتعويضها مالياً بمبلغ مليون جنيهًا ويعد هو أكبر تعويض في تاريخ القضاء، قالت:
“الفلوس لا تعوض يوماً من كرامة الإنسان التي ضاعت داخل السجن
الإهانة لا تساوي المال، وإلا ما كنت اعترفت على نفسي وكنت ذاهبة لحبل المشنقة بقدمي
اعترفت طبعاً تحت التعذيب، وقبل ذهابي إلى النيابة كانوا يحضرون لي كوافير وخبير ماكياج، لإخفاء آثار التعذيب”.
وقالت حبيبة: “مازلت أتذكر كل تفاصيل ما حدث معي، فالتعذيب داخل قسم الشرطة لم يكن أحد يتدخل لوقفه
عشت أسوأ أيام حياتي مدة 8 أيام متواصلة، لدرجة جعلتني غير قادرة على الإحساس بالحياة وأتمنى الموت
ويكفي أن أسرة زوجي في قطر أبلغت الرئاسة المصرية بشكل رسمي أنه لا يُعقل أن أكون المتهمة بقتله، خصوصا أنه تلقى 30 طعنة”.
وكانت الشرطة قد عثرت على زوجها مقتولاً في غرفة نومه بشقته في حي الهرم بالجيزة، واكتشفت الجثة بعد مرور 12 يوماً على الجريمة، عندما أبلغ الجيران عن انبعاث رائحة كريهة من شقة المجني عليه.
وبعد قضائها 5 سنوات في السجون، فوجئت في عام 2003 بالقبض على المتهمين الحقيقيين أثناء بيعهم ساعة ذهبية كانت خاصة بزوجها
وتم الإفراج عن حبيبة، في 2005 وتم محاكمة رئيس مباحث الهرم الأسبق بتهمة تعذيب الممثلة لإجبارها على الاعتراف بقتل زوجها.
حبيبة في بداياتها