حكايات فيلم الناصر صلاح الدين
لا يعرف الكثيرون أن رشدي أباظة، هو البطل الأول لفيلم الناصر صلاح الدين وتدرب على الفيلم كثيرا، وأمن على نفسه من أجل تصوير الفيلم.
فى عام 1960 قررت المنتجة الشهيرة آسيا أن تنتج فيلما عن القائد صلاح الدين الأيوبي، بدعم من الجيش الذي شارك في إنتاج الفيلم بالمعدات والجنود.
واستعانت بالمخرج الكبير عز الدين ذو الفقار، الذي رشح النجم رشدي أباظة لبطولة الفيلم نظرا لنجاحه المذهل في فيلم الرجل الثاني
وبالفعل تعاقد الدنجوان على دور صلاح الدين، ولم يكن الفنان أحمد مظهر من ضمن اختياراتهم للفيلم.
يقول محمد علي برهان حفيد المنتجة آسيا،:
“جنون يوسف شاهين سبب اختيار المخرج عز الدين ذو الفقار له لتصميم المعارك فى فيلم الناصر صلاح الدين
حيث كان عز الدين ذو الفقار يعرف قدراته وأنه يجيد إخراج المشاهد الناعمة لذا سوف يفسد المعارك إذا قام بإخراجها، لذلك استعان بشاهين صديقه وتلميذه.
وأن المشاهد الناعمة فى فيلم الناصر صلاح الدين بين لويزا وعيسى العوام، وليلى طاهر وريتشارد أخرجها عز الدين ذو الفقار.
فى حين أن يوسف شاهين أخرج مشاهد المعارك الحربية، وأن عزالدين ذو الفقار عندما مرض أوصى بأن يستكمل شاهين إخراج الفيلم.
(ملحوظة: ولد عز الدين ذو الفقار سنة 1919، وتزوج من فاتن حمامة، وانجب منها ابنته نادية ورحل في ريعان شبابه في الـ 44 من عمره).
أمن رشدي أباظة على نفسه ضد الحوادث أثناء تمثيله في فيلم الناصر صلاح الدين بمبلغ 25 ألف جنيه،
وكان السبب في ذلك رفضه استعمال دوبلير في حركات العنف والمشاهد الخطيرة
معللا إنه قام بمهنة الدوبلير للممثل الأمريكي روبرت تايلور في فيلم وادي الملوك وأنه متعود على القيام بالأدوار الخطيرة
رشدي أباظة قام بالتأمين على حياته من الحوادث بسبب فيلم الناصر صلاح الدين
وكان رشدي أباظة أول من يؤمن على نفسه ضد الإصابات في الأفلام العربية، وذلك وفقا لمجلة صباح الخير عام 1960.
كان كل شيء على ما يرام، ولكن أصيب المخرج عز الدين ذو الفقار بمرض واعتذر عن عدم أداء العمل .
واختارت المنتجة المخرج يوسف شاهين ليقوم بإخراج الفيلم ككل.
وافقت آسيا لأنها تخسر كل يوم مع تآخير التصوير.
لكن الذي رفض هو رشدي أباظة نفسه، الذي ذهب لآسيا رافضا فكرة التصوير احتراما لصديقه عز الدين ذو الفقار الذي يتوقع شفائه سريعا.
(عز الدين ذو الفقار هو الصديق والأب الروحي لرشدي أباظة، وهو الذي قدمه في أفلام رد قلبي، امراة في الطريق، والرجل الثاني، وكان رشدي يعترف بأستأذيته وفضله عليه).
استمر وقف التصوير، حتى رحل عز الدين ذو الفقار في 1 يوليو 1963. لتقرر آسيا تصوير الفيلم بيوسف شاهين
ونشب الخلاف بين بطل الفيلم ومخرجه. انتهى بانتصار يوسف شاهين واستبعاد رشدي أباظة.
ويقال إن يوسف شاهين رفض رشدي أباظة من الأساس فور توليه إخراج الفيلم عقب رحيل ذو الفقار
لأنه لا يراه مناسبا للدور من الأساس لكن في النهاية استبعد رشدي أباظة من بطولة الفيلم.
تدهور العلاقة بين يوسف شاهين ورشدي أباظة
كانت العلاقة بين شاهين ورشدي أباظة علاقة جيدة وشاركا معا في فيلم جميلة بو حريد.
وقام فيه رشدي أباظة بدور بيجار الفرنسي، لكن الخلاف وقع في أثناء التحضير لفيلم “الناصر صلاح الدين”.
وأقسم رشدى أباظة بأنه لن يعمل مع المخرج يوسف شاهين مرة أخرى طوال حياته.
وعرض يوسف شاهين على رشدى أباظة العمل في فيلم الاختيار لكن رشدي رفض وقال لزوجته الفنانة سامية جمال “أقسمت بكِ وبابنتي، أن لا أعمل معه حتى لو لم أجد طعامًا”.
رشح المخرج يوسف شاهين، الفنان شكري سرحان لتجسيد دور الناصر صلاح الدين. لكن شكري كان يخاف من ركوب الخيل، ليقرر الاعتذار عن العمل.
وفي نفس الوقت تجنب أي خلاف مع صديقه رشدي أباظة، بحجة أنه يخشى ركوب الخيل ليتوقف المشروع.
ليختار شاهين وآسيا الفنانة أحمد مظهر لتجسيد الدور، وكان السبب الرئيسي لهذا الاختيار هو أن أحمد مظهر فارسا وبارع في ركوب الخيل.
تخرج أحمد مظهر في الكلية الحربية عام 1938 وحصل منها على بكالوريوس العلوم العسكرية. والتحق بسلاح المشاة ثم انتقل وعين ضابطا فى سلاح الفرسان، وتدرج حتى تولى قيادة مدرسة الفروسية.
في تصريح مُثير للجدل للمُخرج يوسف شاهين بعد وقت قصير من عرض الفيلم؛ صرح بأنه لم يكن مُقتنعًا بأحمد مظهر ليؤدي دور البطولة لعدم اقتناعه به كمُمثل
وإنه اضطر لقبوله بعد إلحاح المنتجة آسيا داغر لتألقه ومصداقيته بأدوار الفروسية، وقد حقق نجاحًا مُلفتًا بفيلم (وا إسلاماه) الذي سبق هذا الفيلم بعام ونصف
وعندما علم مظهر بهذا التصريح حزن وابتعد عن التعامل مع شاهين فنيًا وشخصيًا بعد هذا الفيلم، وقد غضب المُخرج حسام الدين مصطفى من تصريح شاهين لاقناعه التام بموهبة مظهر
وأصر على الرد عليه بعد عدة سنوات بتقديمه في بطولة فيلم (الشيماء)
الذي أظهر فيه مظهر مواهب تمثيلية كبيرة بخلاف مواهبه بالفروسية، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا.
تسبب فيلم الناصر صلاح الدين بأزمة مالية كبيرة لمنتجته فقد استدانت من هيئة السينما، ورهنت عمارتها، بل وتم الحجز على أثاث بيتها وشركتها.
كلف الفيلم المنتجة آسيا نحو 200 ألف جنيهًا، وكانت وقتها أعلى ميزانية خُصصت لفيلم مصري واستمر العمل عليه قرابة الخمس سنوات، وكانت تقول دائما ليوسف شاهين:
“ابن المجنونة دا هيخرب بيتي”.