في عام 1476 ، كانت هناك رأس مقطوعة ومغموسة في العسل للحفاظ عليها في طريقها إلى قصر السلطان العثماني في القسطنطينية ، هذا الطرد المروع أصبح فيما بعد تذكاراً ثميناً عند السلطان ( محمد الثاني - الملقب بالسلطان محمد الفاتح ) - وقد زين به بوابات المدينة
كان هذا الرأس لأكثر الحكام جنوناً وطغياناً .. كان الرأس المقطوع للورد ( فلاد دراكولا ) - دراكولا المخزوق - وليس مصاص الدماء ، ولكنه لم يكن بالبعيد عن كونه وحشاً أفظع من مصاصي الدماء !
وفقاً للسجلات التاريخية ، فقد قتل فلاد دراكولا ضحاياه بطرق لا تعد ولا تحصى ، اتفقت جميعها في كونها مروعة ، مفزعة ، مقززة ، فقد قام بقطع رؤوسهم ، وجلودهم ، قام بنزع أحشائهم ، وغليهم أحياء ، لم يسلم منه الصغير ولا الكبير نساءاً ورجالاً , أطفالاً أو رضّع !
قيل أنه كان يستمتع بتناول الطعام وسط ما يمكن وصفه بغابة من الجثث المعلقة على الخوازيق الخشبية ، لذا سُمي ( بفلاد المخزوق ) .
يُزعم أيضاً أنه كان يغمس خبزه في دماء ضحاياه المتساقطة ليتلذذ بطعمها ، كان يجد في ذلك نشوة لا يضاهيها شيء ، كما قال المؤرخون أنه قام بدق المسامير في عمائم الرسل المبعوثيين العثمانين لتثبيتها في أدمغتهم لإظهار ازدرائه لعقيدتهم الإسلامية .
بحقٍ ؛ كان فلاد دراكولا شيطاناً متنكراً في هيئة بشر.
من أين جاء الشيطان ؟
بحلول الوقت الذي ولد فيه فلاد المخزوق في عام 1431 تقريباً ، كانت هناك قرون من الصراع الوحشي بين المسيحيين والمسلمين والتي عرفها التاريخ بالـحروب الصليبية ، ربما وقتها قد ماتت ، ولكنها لم تُدفن ، إذ نهضت مرة أخرى كمخلوقات الزومبي في شكل حملات عسكرية تهدف إلى تهجير المسلمين من أرضهم وسرقة قدسهم ، وكان فلاد ينتمي إلى جماعة التنين الصليبية ، والتي تشكلت عام 1408 للدفاع عن الكاثوليكية ضد المسلمين العثمانيين والمسيحيين الأرثوذكس ، ووفقاً لكتاب الحملة الصليبية في القرن الخامس عشر كان قائدها هو الإمبراطور الروماني المستقلبي الملك سيغيسموند من المجر ، والذي ضم إليه في حروبه فلاد الثاني دراكول - والد فلاد دراكولا ، وكلمة دراكول تعني ( التنين ) لذا سُمي بفلاد التنين .
ركز سيغيسموند على محاربة العثمانيين ، وساعده فلاد التنين في هذا الجهد،ومع ذلك ، أصبحت الأمور مضطربة بشكل خطير بالنسبة للتنين ، عندما رأى ان السلطان العثماني " مراد الثاني " له من القوة ما سوف يجعلهم في هزيمة ساحقة ، لذا عرض فلاد دراكول الهدنة والطاعة للسلطان العثماني وبعث بأبناءه فلاد ورادو للدولة العثمانية كعربون ولاء ، وليتربوا في كنف المسلمين العثمانيين في بلاط السلطان مراد الثاني وبجانب أولاده .
وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية ذكرت أن رادو قد إعتنق الديانة الإسلامية وحارب بجانب محمد الفاتح ضد اعداء الدولة العثمانية ، إلا أن اخيه فلاد لم يرق له طعم الدين الإسلامي ولا ألف هواء الدولة الإسلامية ، كان كحطب يضمر بداخله ناراً تتأجج شيئاً فشياً ضد المسلمين ، رأى أنه أسير في بلاد غريبة ، تم إبعاده عن بلادة قسراً ،حتى وإن عاملوه بالطيب ، وأغدقوا عليه وعلى أخيه بالرعاية والتربية الحسنة كأمراء البلاط .
قرر فلاد دراكولا انه سيهاجم العثمانيين عاجلاً او آجلاً عند وصوله للحكم بدلا من ابيه الذي قتل على يد النبلاء بينما كان يكافح من أجل الحفاظ على حكمه في مملكة والاشيا.
بعد توليه حكم بلاده خلفاً لأبيه ، اغلق قبضته الحديدية حول مقاليد السلطة ، وقتل النبلاء المحليين بعد دعوتهم لمأدبة كبيرة ، وكذلك العشرات من التجار الساكسونيين لقمع المعارضة ، كما شرع في تدمير الإمبراطورية العثمانية التي يضمر لها شر منذ أمد بعيد .
في هذا الوقت كانت والاشيا مازالت دولة تابعة للعثمانين منذ أكثر من 40 عاماً ، ولكن في عام 1459 ، أعلن البابا بيوس الثاني شن حملة صليبية ضد العثمانيين الذين فتحوا القسطنطينية عام 1453 ، وانتهز فلاد المخزوق تلك الفرصة لينتقم !
في عام 1462 ، بعث السلطان محمد الفاتح بمبعوثين لفلاد للتأكد من بقاءه تابعاً له في ظل تلك الحملات على الدولة العثمانية ، لكن فلاد رد الرسل بعدما دق المسامير في أدمغته وعمائمهم ، كما توقف عن دفع الضرائب للسلطان العثماني .
الخبث والشر كان تكتيكاً اعتنقه فلاد دراكولا في محاربة العثمانيين ، تضمنت بعض التكتيكات المخيفة ارسال الرجال المصابين بالطاعون الدبلي للاختلاط بالقوات العثمانية ، وكذلك تسمي الآبار ، والقيام بغارات ليلية ، والأدهى والأمر .. كانت تلك اللحظة التي رأى فيها السلطان محمد الفاتح أجساد نحو 20000 جندي عثماني معلقة على خوازيق ذات طول فارع ، في مشهد مهيب كغابة موتى شاسعة تئن وتتألم بين حي يموت وميت تأكله النسور .
إستدار السلطان المصدوم محمد الفاتح ليعود أدراجه بعد هذا المشهد المُفزع ، بعدما أقسم على أن ينتزع رأس ذلك الشيطان من مكانها .
ظل فلاد دراكولا ينتصر تارة وينهزم أخرى أمام أعداء المجر ، تم عزله مرة ثم رجع إلى حكمه ، ولكن الهجوم العثماني لم يتوقف ، وفي عام 1476 ، كان فلاد في ساحة المعركة عندما انتهى به الأمر بجسداً دون رأس على يد العثمانيين ، وذهب رأسه كهدية للسلطان الفاتح بعدما أسدل التاريخ ستائره على أبشع حاكم عرفته رومانيا يوماً .
اقرأ أيضا : الأميرة والأفندي قصة زواج هزت عرش مصر
المصدر / grunge.com