Header Ads Widget

بسبب النساء قال سعد زعلول: مافيش فايدة!! , بقلم : أشرف مصطفى توفيق

كتب أشرف مصطفى توفيق :
 [ أعطى سعد زغلول للنساء حرية عريضة إذا ما كان الأمر مرتبط (بالوطنية) وترددت خطواته معهن إذا تعرض الأمر لثورة أخرى أردن أن يخوضنها تحت مظلة الوطنية مرتبطة بذواتهن،وعندما خرجت النساء فى مظاهرات ثورة 19 وسقطن شهيدات،لم يعد مقبولاً من سعد زغلول تأجيل النسائية وتفضيل الوطنية لذا فقد ابتعد النساء بشكل ملحوظ عند وضع تحرير المرأة تحت مظلة التحرير الوطنى، طالما أنه يؤجل الهدف الأول (النساء) إلى حين تحقيق الهدف الثانى (الاستقلال) وكما تقول المستشرقة (مارجو بدران): إن طرح سؤال هل يتعين على المرأة إعطاء النسائية أسبقية على الوطنية؟! كان يحمل فى طياته صيغة إدانة تفرضها السلطة الأبوية وتفرض على المرأة اختيار بين أمرين، ويفرض عليها عبئاً قومياً ووطنياً، ويلح على تاريخها الطويل الذى تعودت من خلاله على تفضيل الآخرين على نفسها،ويدعوها إلى القيام بتضحيات وتأجيلات لا نهائية، ويثير الإحساس بالذنب لدى اللائى يفضلن ذواتهن ونسائيتهن ودون الحكم على التجربة فإن الدرس المستفاد أنه عندما تتعايش الوطنية مع النسائية،فمن المفيد التحرى عن البعد الوطنى للنسائية والبعد النسائى للوطنية مع أخذ العديد من الأسئلة فى تجربة سعد ونساء الوفد بعين الاعتبار فسعد زغلول زعيم مع مطالب الحريم! ولكنه زعيم أيضا ضد تطرف الحريم؟! هو مع حقوق المرأة العامة التى تهم كل النساء ولكنه ضد نزوات النساء الخاصة، إنه لا يعتبرها تحرر وتقدمية،بل تخلف وعبودية ]
سعد زغلول

كان الزعيم سعد زغلول صاحب خطاب نهضة. وكان يمكن أن يتقدم الرواد المناصرين لقضية المرأة فى بلادنا. وكان يملك أدوات التقدم عليهم جميعاً (الثورة. الشارع. حزب الوفد. فصاحة اللسان. والخطابة) ولم يكونوا جميعاً بعيدين عنه أو بعيداً عنهم فهو أزهرى سافر للغرب كرفاعة الطهطاوى، وتلميذ للشيخ محمد عبده.، وصديق لقاسم أمين ومشارك ومعاصر لأحمد لطفي السيد, وهو من القلائل الذين عاصروا الأميرة (نازلى فاضل) وجلسوا لصالونها.. وكان محل تقديرها وسرها، فهو محاميها الخاص!! ولذا فإنه لم يستغرب ويفتح فاهه من اصطلاح أو مصطلح (النسائية) عند ظهوره علنياً (فى المحروسة عام 1899- معاصرا لكتاب " تحرير المرأة " لقاسم أمين- ..) هذا الإصطلاح الذى يعنى بمفهومة التحليلى  " الوعى الناشئ عن الظلم الواقع على المرأة بسبب جنسها "..وبمعناه التطبيقى صراع المرأة للتحرر من القهر الاجتماعى أو السياسى الواقع عليها وأنشطتها النضالية المختلفة لدفع هذا القهر.

ولكن الرجل كان مهموماً بقضية الوطنية. يبحث عن وصفة سحرية لثورة شعبية تسرق الاستقلال لبلاده من تحت عرش الخديوى ومن وراء ظهر دبابات الإنجليز كان يحلم بتفجير الشارع مدنياً وإن كان قد سبق له المشاركة فى ثورة عرابى التى فجرت الشارع. حيث قام الجيش بإنقلاب عسكرى على الخديوى، وبالطبع لم يغب عنه أهمية مشاركة المرأة فى هذه الوصفة السحرية الجديدة.ولكنه اعتقد أن النساء فى ثورته كصفية زوجته،سيسرن خلفه وسيعطين لقضيته الوطنية أسبقية على قضيتهن النسائية.سيدفعن الثمن ولن يطالبن بالمقابل، سيرضين بالفتات ولن يخرجن عن دائرة القناعة. وكم كان واهماً!!
وقد أعطى سعد زغلول للنساء حرية عريضة إذا ما كان الأمر مرتبط (بالوطنية) وترددت خطواته معهن إذا تعرض الأمر لثورة أخرى أردن أن يخوضنها تحت مظلة الوطنية مرتبطة بذواتهن ولم يكن الأمر مع النساء يقبل ما قبلته (زوجته صفية) تضع البرقع الأبيض على وجهها فى منزلها فإذا سافرت إلى أوروبا فى الصيف.. خلعت الحجاب ومشت سافرة!! وعندما خرجت النساء فى مظاهرات ثورة 19 وسقطن شهيدات،لم يعد مقبولاً من سعد زغلول تأجيل النسائية وتفضيل الوطنية لذا فقد ابتعد النساء بشكل ملحوظ عند وضع تحرير المرأة تحت مظلة التحرير الوطنى، طالما أنه يؤجل الهدف الأول (النساء) إلى حين تحقيق الهدف الثانى (الاستقلال) وكما تقول المستشرقة (مارجو بدران): إن طرح سؤال هل يتعين على المرأة إعطاء النسائية أسبقية على الوطنية؟! كان يحمل فى طياته صيغة إدانة تفرضها السلطة الأبوية وتفرض على المرأة اختيار بين أمرين، ويفرض عليها عبئاً قومياً ووطنياً، ويلح على تاريخها الطويل الذى تعودت من خلاله على تفضيل الآخرين على نفسها،ويدعوها إلى القيام بتضحيات وتأجيلات لا نهائية، ويثير الإحساس بالذنب لدى اللائى يفضلن ذواتهن ونسائيتهن.وفى هذا الوقت كانت النسائية كأتجاه عالمى تطبع الأشياء حتى الأدب والكتابة، ولذا تم التضحية بانتاج أدبى جيد لأنه لايخدم قضية النساء ،بالأتجاه نحو ذاوتهن مثل رواية (سيد العزبة) لعائشة عبد الرحمن (د/ بنت الشاطئ - 1942) لأن بطلة روايتها (سميرة ) تقول : إذا كان هذا يرضي السيد فماذا علي من الناس؟ وتم التضحية برواية جميلة آخرى رائدة لا يذكرها أحد وهي رواية (صابحة)  لملك فهمي سرور (1948)؟ لأن شخصية صابحة – النموذج التقليدي للمرأة في علاقتها بالرجل لا تروقهن الآن!! فهي  على سبيل المثال "تود أن تتزوج رجلا يأمرها..لا ربيبا يطيعها..رجلا شرسا.. منفعلا غضوبا ..ثائرا ناقما"..وتقول:أنها كفء أن تتحمل كل هذا وترضيه وترضى به! تم رفض نوع معين من الكتابات! وفرض نوع معين آخر ؟
ثورة 19

تقول  الناقدة د. هدى وصفي إن قهر المرأة أوجد أدبا يسمى بالأدب النسائي حاولت المرأة فيه تخيل (يوتوبيا خاصة )حلم فلسفي بالمساواة مع الرجل على المستوى الإنساني .

 وفى 16 مارس 1919وقبل خروج النساء فى مظاهرات وطنية احتجاجاً على نفى سعد زغلول والتصاقاً بثورته الوطنية دارت مكلمة حول الوطنية والنسائية كان طرفها النساء فى جهة بقيادة صفية زغلول وهدي الشعراوي، وأقطاب الوفد الذكور فى طرف آخر، ووصل الأمر بالذكور لحد رفض الدور الوطنى للمرأة !! وإذا بصوت "عبد العزيز فهمي" يعلو: إنى أعجب أن تقترح سيدة عاقلة مثل صفية هانم مظاهرة النساء فى الشوارع؟! ويذهب لبيت الأمة ويحاول أن يمنع ذلك ويعود خائباً فيقول فى اجتماع موسع بالحزب : أنه يخشى أن تكون النساء قد أصابهن نفى سعد بهزة أثرت على عقولهن!!

وظهرت عبارة لصفية زغلول قوية ومؤثرة: إن نساء مصر لسن أعضاء فى الوفد ولا توجد امرأة تمثلهن فى الوفد. ولهذا ليس من حق الوفد أن يصدر الأوامر إليهن..إننا نخرج التزاماً بقضايا بلادنا ولا نخرج لنؤيد سياسة حزب !!

وهرول (عبد الرحمن فهمي) متطوعاً أن يقنع صفية هانم زغلول.نظراً للعلاقة الوثيقة بينه وبينها، وقال لصفية زغلول عبارة غريبة: إن سعد زغلول قد جعل (بيت الأمة) لكل المصريين ولكنه بنى فى بيته الذى تعيشين فيه (سلاملك) يستقبل فيه الرجال من باب خاص بهم، بينما تدخل السيدات من باب آخر إلى صالونات خاصة بهن ولم يقل عبارة - الحرملك- فاتركى الحال على ما هو عليه الآن حتى يحضر سعد زغلول ويعيد تغيير الأبواب!!

ولم ينم عبد الرحمن فهمي الليل!! إنه لم يستطع أن يفهم لماذا تريد أن تخرج المرأة بنفسها فى السياسة ؟! وكان أكثر ما يزعجه موقف زوجة زعيمه سعد زغلول. إنها تريد أن يخرج النساء للشوارع فى الوقت الذى وقفت تحدثه من خلف الباب من وراء حجاب!! إنه لم يرها بل سمع صوتها فقط،فقط من وراء الحاجز!!ولولا أنه يعرفها ويعرف صوتها لاعتقد أنها غواية من الأخريات، فإن كيدهن عظيم ولكنه صوتها إنها صفية زغلول!! يعرف الصوت وقت الصفى،كما يعرفه وقت العراك
هدى شعراوي
ولذا سارعت هدي شعراوي بتقديم استقالتها من (لجنة نساء الوفد) واعتزرت عن الاستمرار عندما وجدت (سعد زغلول) غير مهتم بأن يكون النساء عضوات عاملات فى الحزب. مكتفياً بأن يعملن منتسبات من خلف أزواجهن أعضاء الوفد " كتوابع للأزواج "!! رغم أن النساء عندما وقع الصراع بين عدلي وسعد. انضممن إلى سعد زغلول، حتى أن علي شعراوي باشا انضم إلى عدلى. وإذا به يفاجأ بزوجته هدي شعراوي تؤيد سعد وتهاجم خصومه ومنهم زوجها! آى أنهن لا يتبعن فى مصالح الوطن إلا انفسهن واحساسهن بمن يصلح للوطن؟!. واعتقدت (هدي شعراوي) بأنه فى لحظات الخطر لا يبدى الرجل أى اعتراض لظهور المرأة بجواره ولكنه يغير نظرته إليها فيما بعد؟!

وكونت (هدي شعراوي)  اتحادها النسائي منفصلة بقضية النسائية،جاعلة الوطنية من خلال رؤيتها الخاصة كأنثى بدليل اهتمامها الواضح بأثار معاهدة 1936 وقضية فلسطين،وإن كان سعد زغلول قد أوضح بشكل مباشر للزعيمة الوفدية الجديدة التى تولت لجنة نساء الوفد بعد هدي شعراوي - منيرة ثابت- إنه لا ينكر حركة المرأة وحقوقها ولكنه يؤجلها - وإن التأجيل لا يعنى الإنكار وإنما يعنى الانشغال بما هو أولى- إنه شئ يشبه ما فعله عمر بن الخطاب فى عام الرمادة - أوقف أعمال نص قطع يد السارق ولكنه لم يكفر بالنص- وطالبها بأن تضع التحولات الوطنية والأعراف والميراث الاجتماعى فى الاعتبار ولكنها أتعبته أكثر من هدي شعراوي! فهى صغيرة وحاصلة على ليسانس الحقوق من السريون وثائرة لحد التطرف لقد فاجأته سنة 1924 عندما ألف أول وزاة شعبية بقولها أنها وزارة لا تمثل الشعب؟! وسألها الزعيم لماذا؟! إنها أول وزارة يدخلها الأفندية.. وقالت له: وزارة بلا وزيره امرأة لا تمثل الشعب!! وإذا بمنيرة ثابت تعارضه: أنا لم أتزوج بعد يا سعد بيه ولا ينوب عنى إلا امرأة..الرجل لايمثلنى فى البرلمان!! وأنبرت للزعيم بلسانها الطويل (التقاليد منعت الأفنديات أن يصبحوا وزراء، وأنت كسرت التقاليد الذكورية وجعلتهم وزراء !! فلماذا لا تكسر التقاليد الأنثوية وتدخل المرأة البرلمان.؟ إنك رئيس وزراء ثورة).

واعتقد سعد زغلول أنه غير العادات الشائعة.فإذا كان لا يجوز للمرأة أن تمشى وحدها فى الشارع يجب أن يتبعها خادم. فإذا كانت مع زوجها، تعمد أن يمشى أمامها، وتمشى هى خلفه.فإذا به يمشى مع زوجته ويخرج معها ويركباً الحنطور جنباً إلى جنب..ومما يذكر أن صورة الزفاف لسعد زغلول وصفية ظهر فيها العريس سعد جالساً على مقعد وكانت صفية واقفة وراءه! ولكن بعد الثورة بدأت صفية تظهر فى الصور الفوتوغرافية جالسة إلى جواره أو واقفة بجانبه.
وحدث أن رفع سعد الحجاب عن وجه أبنة الشيخ علي يوسف فى إحدى حفلات بيت الأمة وكرر ذلك مع الآنسة "فكرية حسنى" عندما ألقت خطاباً وعلى وجهها حجاب
فقال لها : تحملنا ألا نراكِ ولكن لا نسمع ما تقولين؟!
ولكنه لم يحتمل ما فعلته (منيرة ثابت) كيف يخرج رجل غريب مع آنسة غريبة فى الشارع جنباً إلى جنب؟! بل إنهما يتنزهان، ويجلسان فى الأماكن العامة؟! وفرض على منيرة، والأستاذ عبد القادر حمزة " الزواج ؟! " مع أنهما كانا يعملان معاً فى جريدة واحدة؟! أنه فى الوفد لايسمح.. لايسمح بما فى جامعة السريون..

وبهت سعد زغلول من منيرة ثابت وهى تقول له : أنها موافقة على الزواج ولكن الأستاذ (عبد القادر حمزة) متزوج وعنده أولاد وهى لا تريد أن تكون لها ضرة.إنها ضد تعدد الزوجات ؟! والمعنى أنه عليه أن يطلق زوجته الأولى ؟!
وقال لها سعد: لا تملكى تعديل نصوص القرآن يا منيرة
 وقالت له أنا أتحدث بالشريعة: (ولن تعدلوا)؟!
وإذا بسعد يثور ويصيح إنك تفسرين القرآن بالفرنساوى الذى تجيديه !! العرب يعرفون التفسير الصحيح
فلقد اعتقدت منيرة ثابت أن الأربع كلمات السحرية التى كررها (سعد زغلول) " الدين لله والوطن للجميع" قد حيدت الدين عن نظر طموحاتها النسائية وأن قبول الزعيم للسفور يعنى قبوله للتبرج، وأنه إذا كان قد سمح لزوجته بقلع اليشمك فإنه سيسمح للنساء ولها لخلع نصوص الدين!!

 وأسقط سعد زغلول (منيرة ثابت) من برجها العاجى ومن ثورتها الفائرة وزوجها رغما عنها برجل متزوج - ليقطع الالسنه عن أن تمسها بسوء - وقبلت أن تكون زوجة ثانية!! ..لقد أقنعها سعد زغلول بأنه لم يخلع الجبة والقفطان ولكنه لبس فوقها الملابس الأفرنكى!!

وأن تحييد الدين الذى يفهمه سعد الأزهري، الأفندي، الفلاح، الثائر، الزوج بلا ولد، الأب لكل الشعب، السرى، العلنى، المنفى، الحاضر. هو التمهيد لدولة مصرية خالصة لا يقتلع فيها الدين من القلوب ولكن يقتلع فيها (الباب العالى) من الحكم.دولة مدنية لا يتاجر فى سياستها باسم الدين وتهب حق المواطنة والتمثيل لمن يثبت صلاحه قبطى كان أم مسلم. إن عبارة الدين لله. إنما تعنى أن التقديس لله وحده والناس جميعاً عبادة.

ويبدو أن صفية زغلول كانت تقر سعد فيما ارتضاه فقضية المرأة متصلة بقضية وطنها ولا تنفصل عنه،فإذا قامت بدورها فى (الوطنية) فعليها أن تعود وتجلس فى بيتها، فقد رفضت من يقول لها أنها زعيمة الوفد بعد موت سعد. إنها تكمل رسالته ولا تعرف من أين تبدأ من بعد ما انتهى!! ويعتقد البعض كما سجلوا فى كتاباتهم أن سفور صفية زغلول فى إطار النسائية ولكنها كانت تراه فى إطار الوطنية وثورة 19!! ..

فلقد أدهش صفية زغلول أن (لجنة نساء الوفد) عند المقاطعة المدنية لكل ما هو إنجليزى من بضائع وتعاملات الذى قادته الثورة الزغلولية، يضع معظمهن (البودره) على وجوههن!!

وكانت إذا أرادت أن تصف فتاة بأنها مؤدبة قالت: إنها لا تشرب القهوة ولا تضع ساقاً على ساق! ..وأذهلها عندما رافقتها (فهيمة ثابت) فى سفرها لسعد زغلول فى منفاه عند مرضه بجبل طارق أن هذه المرأة الثورية التى تركت أسرتها وأولادها لتكون فى خدمتها وزوجها سعد لتقدمهما فى السن- تدخن السجائر!!

وبدى وكأنها تعيد أفكارها عن المرأة الفاضلة والمرأة الثائرة؟!..فهى كانت تراهما امرأة واحدة، متجاهلة اختلاف الشروط بين الديناميكية والإستاتيكية؟!

وحينما زارتها السيدة (فاطمة نعمت راشد) سنة 1941 أول مرة مرتدية بنطلون طالبه منها أن تكون رئيسة شرفيه لأول حزب نساء فى مصر أسسته نعمت راشد فى 1492،استغربتها جدا من شكلها ومن طلبها
    صفية - لماذا لا تلبسين مثل النساء؟!
   نعمت - تقصدين البنطلون.. إنه أكثر حشمة وحرية للمرأة العاملة.
   صفية - ولكنه أكثر فتنة بالناس فى الشارع، المرأة لا ترتدى البنطلون .. إلا إذا خلع الرجل بنطلونه واعطاه لها!!

وانصرفت فاطمة نعمت قبل أن تكمل قهوتها..لقد سمعت منها أنها لم ترفض زوجه النحاس لأنهامطلقة وإنما لأنها تلبس البنطلون،وأنها لم ينطلق لسانها ضد امرأة بأنها سيئة السمعة.ولكن البنطلون يسئ لسمعة المرأة (إنه يصفها ويشفها) ويبدو أن بنطلون فاطمة هانم كان من أنواع الأسترتش !!
 وفى حزبها الخاص قالت فاطمة نعمت: لقد كبرت وخرفت صفية زغلول، زهبت لأكلمها عن أول حزب للنساء فى مصر فكلمتنى عن البنطلون الذى جعل النحاس يترك أخت القاضى مصطفى حسن ويتزوج بزينب الوكيل.أنها وقفت عند مسائل شكلية!!..

وأسقطت المسائل الشكلية حزب فاطمة نعمت حينما رأت أن من حق المرأة أن تكون ضابطة فى القوات المسلحة!! لأن من حقها دخول كل الوظائف وسألوها إذن يمكن تكون مجندة وعسكرى ومقاتلة ولم ترد؟! .. ووزعت الجاتوه لتوقف الكلمات والأسئلة عن الألسنه!!
          
   فهناك مرحلتان للوعى الوطنى النسائى:
-      المرحلة الأولى (من نهاية القرن التاسع عشر وحتى ثورة 1919).
-      المرحلة الثانية (من 1919 حتى 1923).
واستندت المرأة فى المرحلتين وتعكزت فيهما على الحداثة الإسلامية والحركة الوطنية التى بطابعها كانت مسلمة ولأن النسائية فى المرحلة الأولى كان لها مفهوم شرقى. (ففى هذه الفترة المبكرة ركزت المرأة على إعداد نفسها والجيل المقبل من النساء على حياة جديدة فى المجتمع، وذلك عن طريق التعليم الذاتى، والتعليم الرسمى فقد بدأت المرأة بالتحرك تدريجياً وبحذر شديد نحو الحياة العامة، بينما ظلت محتفظة بتقاليد العزلة، لتتجنب فقدان الاحترام والاستغلال الجنسى.) ولقد حذرت كل من: ملك حفنى ناصف. ونبوية موسي، من رفع الحجاب فى بداية القرن حتى لا تتعرض المرأة لمضايقات الرجال الذين لم يتعودوا رؤية المرأة المحترمة فى المدينة بدون حجاب.وفى عام 1910 ردت ملك حفنى ناصف على حديث لعبد الحميد أفندي،دعا فيه إلى رفع الحجاب
وقالت: إننى مندهشة لدعوتك لنا برفع الحجاب فى الوقت الذى ما زلنا نتعرض فيه للحملقة الوقحة ولملاحظات غاية فى الإحراج عندما نسير فى الطريق!!

 كانت النسائية التى تطالب بها المرأة فى هذه الفترة تختلف عن النسائية التى ينادى بها الرجل المتحرر،والتى يدعو فيها إلى وضع نهاية فورية لنظام الحريم ورفع الحجاب،ولقد أصرت المرأة على تحديد جدول أعمال خاص بها، وتحديد أولوياتها، وعملياً كان على المرأة وليس على الرجل أن تواجه المجتمع الأبوى، ولقد رأت أن الوقت لم يكن مواتياً بعد.وفضلاً عن ذلك فإن السخرية الكامنة فى تلقى المرأة للأوامر من الرجل بالنسبة لتحررها، لم يكن خافياً عليها..    لذا رأت ثورة 19 أهمية الاستفادة من الوعى الوطنى النسائى وأشراكها فى قضية تحرير بلادها وفى هذه المرحلة الثانية اشتركت نساء الوفد مع رجال الوفد كما أنهن حللن محلهم أثناء غيابهم. إن نجاح الوفد يرجع بدرجة كبيرة إلى التأييد الكبيرالذى كان يحظى به، فلقد لعبت نساء الوفد دوراً أساسياً فى تنظيم وتنسيق، وتوسيع نطاق التأييد للوفد وفى الأيام الأولى للثورة، عندما تم استبعاد الزعماء من الرجال على وجه السرعة من مسرح الأحداث حافظت النساء المصريات على الحركة متآججة وحشدن التأييد الوطنى من خلال تعبئة شبكات الاتصال بين السيدات فى كل أنحاء البلاد.فمنذ عام 1919وحتى عام 1922 مرت فترات طويلة كان فيها سعد زغلول ورجالات الوفد مبعدين بالإعتقال والنفى وحل محل الرجال النساء فى هذه الفترة ولعبن أدواراً رئيسية مثل الحفاظ على الروح المعنوية للشعب وتخطيط الاحتجاج،وإدارة الشئون المالية ومواصلة الاتصال بالزعماء الغائبين وسلطات الاحتلال،ووسائل الإعلام والخارج.

وشاركت المرأة كمناضلة فى الكفاح أثناء الثورة، بصفتها مواطنة مصرية وليس بصفتها امرأة.. وكما أن الوطنيين من الرجال قبلوا النضال الوطني للمرأة، عندما كان يروق لهم ذلك مثل مظاهرات المرأة والمقاطعة الاقتصادية على سبيل المثال تحت ظروف القهر وعندما كانوا يودعون السجون أو يرحلون إلى المنفى،ولكن عندما كانت العناصر الوطنية من الرجال لا تزال على مسرح الأحداث، ولها السيطرة على مقاليد الأمور، أهملوا وجهة نظر المرأة، ثم بعد الاستقلال حرموها كمواطنة من حقوقها السياسية المكتسبة حديثاً. وكان قد أصبح جلياً لرائدات الحركة النسائية خلال النضال الوطنى بعد ذلك أن وطنية الرجل تتسم بطابع السلطة الأبوية .وكانت تجربة المرأة مع سعد زغلول، تجربة مفيدة فقد وضح فيها أن الوفد يريد أن يذيب الحركة النسائية فى الحركة الوطنية،والحركة النسائية تريد أن تركب الوفد لتحقيق طموحاتها ولم يكن السؤال كيف يمكن وضع الوطنية والنسائية فى زجاجة واحدة؟! وإنما كان السؤال من يسبق الآخر فى الأولويات والتحرك الوطنية أم النسائية؟!
ثورة 1919

كما أن أبعاد الوطنية عن النسائية والنسائية عن الوطنية تجزئة لا طائل منها وسيخسر منها الطرفان.ولكن علينا أن نقرر أن حزب الوفد قبل أن يتعامل مع النسائية بالمفهوم الشرقى واقترب منها وحن عليها بأقصى مايحتمل - برغم أن النسائية بطبيعتها مفهوم غربى يتعين مقاومته باعتباره صورة من الاستعمار الثقافى - وأنه منذ عام 1922 أخذت النسائية مظاهر غربية واضحة.وقد اعترفت المرأة حديثاً بذلك ففى بحث لمركز دراسات المرأة الجديدة 1995 عن (الحركة النسائية فى مصر) أقر البحث بأن من سمات هذه الحركة أثناء وبعد ثورة 19 وحتى 1952.
-      الاتصال بالغرب الذى كان له أثره فى المقارنة بين أوضاع المرأة المصرية والغربية.
-      تبنى التفسير المتقدم للدين فى مسألة النساء فى أغلب الأحوال.
-      فك اللثام عن العادات التركية فى ملابس النساء التى وصلت لحد الاعتقاد فى عدم  أصولها الدينية.
ولكن العمل النسائى كالعمل الحزبى فى مصر فى تلك الفترة أعتمد على النخبة والصفوة المثقفة وأنه باستثناء لحظات الاحتدام الثورى أثناء 1919 حيث اندفعت كتل النساء للمشاركة فى التظاهرات والاضرابات ظلت المساحة الأساسية للعمل للرائدات المثقفات وربما من طبقات بعينها. وكان مركزها الأساسى المدن الكبرى والعاصمة القاهرة. ولم تصل للريف المصرى ولم تتماس مع نساء الطبقات الفقيرة إلا من خلال بعض الخدمات

 فقصة سعد مع النساء ليست قصة غرامية مشتعلة..ولا فضحيةصحفية صفراء.ولكنها جزء من تراث شعب.وقصة مستمرة كانت ولا تزال موضوعا للحكى و الدراسة،وإن كان فيها كل ما يميز قصص النساء من تجازب وتنافر وعشق، وهجران.واحيانا التباس؟! وضع فيها رأسه على كفه ولكن مافيش فايده..وقد فعل سعد..وفقد وظيفة (وزير الحقانية) من أجل حقوق الأميرة (صالحة هانم) فإحدى أميرات القصر الملكى وهى صالحة كريمة الأمير إبراهيم حلمي عم الخديوى عباس حلمي الثاني.تزوجت من دبلوماسى روسى مسيحى هو (فلاديمير يوركومنيش) وثارت ضجة حول هذا الزواج لأن الزوجة مسلمة، والزوج مسيحى.فأمر الخديوى بمحو اسمها من سجل أفراد أسرة محمد علي وتعيين قيم على أملاكها ليقوم بتقديم كشف حساب عنها كل عام لوزير الحقانية - والذى كان وقتها (سعد زغلول)- وشعر سعد بأن هناك مؤامرة على ثروة تلك المرأة وذلك لقيام القصر بالتدخل فى أقصاء أمها من الوصاية لصالح أبنائها من زوجها الأمير واعترض سعد على اختيار السرايا الأول (محمد باشا حسن) وقال أنه لص تاريخه لا يؤهله للوصاية - فاختار الخديوي حسن محرم وكيل وزارة الحربية الذى كان فى نفس الوقت يد اللورد كيتشنر الإنجليزى وعينه على القصر!! فلما راجع سعد زغلول هذا الحساب وجد فيه إجحافاً خطيراً فأمر بعزل حسين محرم وكان صديقاً حميماً لكتشنر..وللسراى أيضاً..فلما شكاه تحدث إليه كتشنر بأنه لم يعمل حساباً لصداقة حسين محرم باللورد وأقصائه من وظيفة تدر عليه دخلاً..وطالب بعودته..وهو ما اعتبره سعد تدخلاً فى صميم عمله.. فاستقال.

وذات يوم سمع (مصطفي وعلي أمين) سعد يتحدث غاضباً عن سيدية اسمها (صفية) وبهت الطفلان.. إن سعد يهاجم صفية هذه بعنف ومرارة، إنهما يعرفان أن ستهما اسمها صفية وهى زوجة سعد، وهو يحبها كل الحب، ويحترمها أشد الاحترام.. وإذا بالطفلين يبكيان فى وقت واحد حزناً لأن جدهما يشتم ستهما بهذه الألفاظ القاسية! وتنبه سعد إلى بكائهما ودهش، وسألهما عما يبكيهما؟ فقالا فى صوت واحد: لأنك تشتم ستى! وضحك سعد طويلاً وضحكت صفية زغلول.. وقال سعد أنه لا يهاجم صفية زوجته وإنما يهاجم صفية السادات أرملة صديقه الشيخ علي يوسف! وكانت هذه هى أول مرة يسمع فيها الطفلان سعد يقسو فى الحديث عن امرأة!.. وكان سر قسوته أنه سمع أن أرملة صديقه أحبت بعد وفاته ممثلاً مغنياً اسمه زكى عكاشة، وأنها قد تتزوجه، وكان سعد ثائراً على هذا التصرف، فقد رأى فيه عدواناً على ذكرى صديقه الذى أعطى هذه المرأة اسمه ومجده وحياته فداست على كل هذا بالأقدام من أجل ممثل شاب!..وهاجمت سعد زغلول (نبوية موسي) و(منيرة ثابت) و(روز اليوسف) وقلن: إنها لم تخن زوجها ولكنها تتزوج بعد موته بـ7 سنوات. ثم أنه عندما مات زوجها علي يوسف كانت صفية السادات فى السادسة والعشرين!!
وقالت روز اليوسف: آلان زكي عكاشة مشخصاتي؟! ..
وقالت نبوية موسي:أخشى أن يفضل زعيم الوفد الطريقة الهندية فى التعامل مع الأرملة بعد موت زوجها.فنحرقها حية مع جثة زوجها الميت!!
وقالت منيرة: إن سعد زغلول يريد وفاء المرأة بعد الموت- ولا يعترف بوفاء الرجل فى الحياة أين وفاء الرجل إذا كان له زوجة ثانية وثالثة ورابعة!!
  ولكن سعد زغلول كرجل فلاح لم يتصور أن تنتهى قصة حب شهدها، هذه النهاية كان يعتبر أن (زكى عكاشة) نزوة. على صفية السادات  عليها أن تعلو فوقها وتتخطاها!! ..

كانت القصة التى أثارت سعد زغلول كل هذه الثورة، من الغرابة بمكان،فقد كان الشيخ علي يوسف فلاحاً فقيراً فى قرية بلصفورة فى الصعيد،وجاء إلى القاهرة ودرس فى الأزهر، ولكنه لم يستطع إتمام دراسته لشدة فقره. فعمل فى الصحافة. وبرز فيها. وأصدر جريدة المؤيد،وأصبح الصحفى الأول فى مصر. وكانت المؤيد تهاجم الإنجليز وتنشر مقالات مصطفي كامل. وكان سعد يساعد المؤيد مالياً عندما تقع فى صراعها مع الإنجليز. وأحب الشيخ علي يوسف الآنسة صفية السادات ابنة الشيخ السادات وهو عميد أسرة عريقة من الأشراف تنتسب إلى سلالة الحسين أحفاد النبى.وتقدم الصحفى الأول إلى الحسيب النسيب يطلب يد ابنته ووافق الأب فى أول الأمر ثم تدخل خصوم الصحفى الأول واقنعوا الأب بأنه لا يليق بكرامة أسرة السادات العظيمة أن تزوج ابنتها لصحفى وضيع الشأن من أسرة حقيرة لا تنتسب للنبى ولا للخلفاء الراشدين. واقتنع الأب وصرف النظر عن الزواج.وإذا بالأنسة صفية تتصل سراً بالصحفى الأول تبادله الخطابات الغرامية وتتفق معه على أن تهرب من بيت أبيها وتتزوج منه. وفعلاً تم الزواج وفوجئ به الأب.ولم يكن سعد فى أول الأم موافقاً على هروب صفية من بيت أبيها ليتزوجها حبيبها الصحفى الأول. ولكنه لم يلبث أن وقف مع الصحفى علي يوسف عندما رأى الرجعية كلها تقف ضده. فقد أوعز الإنجليز إلى الأب أن يرفع قضية أمام المحكمة الشرعية يطلب طلاق ابنته من الصحفى الأول بحجة عدم كفاءة علي يوسف لابنته لأن نسبه حقير.وحرفته.وهى الصحافة.مهنة حقيرة بل أحقر الحرف،حرفة كلها عار وشنار لا يحترفها إلا كل متشرد آفاق وكل من لا صناعة له وكل من لفظته الأعمال الشريفة!.. وفوجئ سعد بأغلبية الرأى تقف ضد الشيخ علي يوسف وتقول أنه لا يجوز. للصحفى الذى هو فلاح من أسرة غير منسبة، أن يتزوج من ابنة كبير الأشراف! ووجد سعد نفسه فى معسكر علي يوسف ضد أغلبية الرأى العام فى مصر. إنه هو أيضاً فلاح مثل علي يوسف. إن أسرته لا تنتسب للنبى مثل علي يوسف. إنه كان صحفياً مثل علي يوسف، ومع ذلك فقد تزوج من ابنة رئيس وزراء مصر، ولم يجرؤ أحد على أن يقول أن هذا الزواج غير متكافئ!

 لم يصدق سعد زغلول أن صديقه (الشيخ علي يوسف) الذى صبر بعد حكم التفريق بينه وبين زوجته لمدة ثلاث سنوات..عاد بعدها يحمل البشويه ووجد أن هذا الحادث قد أعاق زواج صفية السادات من بعده- فتزوجها مرة أخرى ومن يد أبيها الشيخ السادات،فهو الباشا صاحب أكبر جريدة فى مصر لتنتهى قصته بأن تزوج أرملته من ممثل شاهدته وهو يؤدى دور روميو فى مسرحية لشكسبير!!

 فإذا كان الطهطاوى تنبأ بفتح الباب للنساء ووقف ينظر من النافذة. وإذا كان الشيخ محمد عبده لم يجد غضاضه دينية فى ترك الباب مواربا ولكنه أغلق على زوجته حجرتها.؟وإذا كان قاسم أمين سهل أمر فتح الباب وجعله مجرد ستارة يسهل اختراقها !! فإن سعد زغلول هو الذى قرر فتحه ولكنه قرر أيضاً أن يبقى مفتاحه بيده.
أشرف توفيق

أشرف مصطفى توفيق
البريد الاليكتروني :ِAshraftawfik11@gmail.com
عضو نقابة المحامين 2002
حاصل على الدبلوم العالي للدراسات الإسلامية بامتياز وكان ترتيبه "الاول"
حاصل على ماجستير قانون
-عضو أتحاد الكتاب1995, عضو أتيليه القاهرة1999