وعلماء اللسانيات واللغات يؤكدون أن اللغة العربية واللغة العبرية بينهما تشابه كبير مما يرجح انهما من اصل واحد .
اما الهيروغليفية فلأنها اقدم ولان اسرارها لم تكتشف بالكامل بعد
فقد وجدالمعاصرون تشابه بين ألفاظ هيروغليفية وألفاظ عربية كثيرة .
فقد وجدالمعاصرون تشابه بين ألفاظ هيروغليفية وألفاظ عربية كثيرة .
وبالتالي وصلوا لنتيجة ان العربية والعبرية والهيروغليفية من اصل واحد
ومن هنا بدأ سجال تاريخي حول :
أيهما الاصل وايهما الفرع : هل الهيروغليفية هي ام اللغات ام العربية ؟
علماء وباحثون مصر متحيزون للغتهم الهيروغليفية مستندين الى عامل القدم ( انها اقدم )
وعلماء وباحثون عرب متحيزون للغة العربية ويجعلونها هي الاصل مستندين إلى أسباب دينية مثل أنها لغة القرآن والإدعاء أنها اللغة التي كلم الله بها آدم عليه السلام
نتج عن ذلك اختلاف في اعتناق وجهتي نظر حول كيفية التلقيح بين اللغتين وبين الشعبين .
وجهة نظر مصرية :
ان التلقيح او التشابه نتج بسبب هجرة المصريين ايام الهكسوس للجزيرة العربية فرارا من وحشية الهكسوس ( اللي بالمناسبة كانوا عرب اصلهم من العماليق احد بطون قوم عاد وسكنوا صحراء الشام )
الباحثون العرب : قالوا ان التلقيح بين اللغتين وبين الشعبين نتج عن هجرة العرب الى مصر في ازمنة الجفاف
وهنا سؤال يطرح نفسه : أي النظريتين اقرب للترجيح ؟!
سوف نستعمل في الترجيح معلومتين مشهورتين هما :
الاولى : ان اصل سكان مصر قدموا من الصحاري المحيطة بالوادي في أزمنة الجفاف بحثا عن المياه اللي بالصدفة وجدوه في نهر النيل فإستقروا حوله ومن هنا كانت البداية
الثاني : هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا) رواه مسلم )
ومعلومة ان ارض العرب كانت مروجا خضراء في احد العصور السحيقة دي معلومة جيولوجية مؤكده ويديهية قبل ان تصاب بالجفاف !! يدل على ذلك وجود الوديان الجافة ومنها واديان عظيمان يمتدان من جبال عسير حتى منطقة الاحساء على الخليج العربي , يعني بعرض السعودية كلها , وده يوضح لنا سبب غنائها بالبترول !
اذن : النظرية الاقرب للترجيح ان سكان الحجاز او جزيرة العرب هم من هاجروا الى المناطق المحيطة في زمن اسبق من زمن الهكسوس ولعل ذلك سبب وجود عرب قحطانيين في اليمن وعرب كنعانيين في الشام وعرب في الحيرة على تخوم فارس ( العراق ) اكيد ده بسبب الهجرات وغير مستبعد ان تكون احداها كانت الى مصر في زمن اقدم لم يستطع التاريخ تسجيله بدقه , لكن لو كان الهكسوس استمروا كان زمان مصر هي دولة عربية من العرب البائدة ( قوم عاد )
ومن هنا نصل الى نتيجة ان العرب والمصريين من اصل مشترك واحد وهذا هو سبب التشابه بين الهيروغليفية والعربية
وبين العبرية والكلدانية , لان العرب توجهوا الى هذه الوجهات وليس العكس ومن هنا يثبت ان اللغة العربية هي الاصل وان الهيرغليفية والعبرية هم فروع او لهجات
خاصة وان اللغة العربية غنية باللهجات الاصيلة التي سمحت بعمليات التطور التاريخي لبعض هذه اللهجات واستقلالها كلغة , يكفي انه وقت نزول القرآن كان في جزيرة العرب سبع لهجات عربية اصيلة , قال النبي ( نزل القرآن على سبعة أحرف )
سؤال نختم به بحثنا او كلامنا وهو هل يوجد دليل من القرآن على ذلك ؟
المفاجأة هي نعم
يقول الله تعالى : ( ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا )
ووجدنا فيها ثلاث تفسيرات او تأويلات :
وجهة نظر عربية :
ان بكه معناها البيت ( الكعبة ) ذات نفسها وان مكه هي ما حولها , وقالوا ايضا بكه ومكه لغتان بمعنى واحد
اتجاه معاصر عند الباحثين المصريين : بكه لفظة مصرية قديمة وهي مكونه من مقطعين: با- كا , او بك – كا ( الكاف في بكة العربية مشددة وهي تعني حرف الكاف مكرر ) , بك – كا معناها في الهيروغليفية : بيت العظيم او المعظم او المبارك ( ببكة مباركا ) او بيت الاله او بيت الله
( ملحوظة : الصورة المرفقة من موقع الدكتور اسامة السعدي استاذ الأثار )
( ملحوظة : الصورة المرفقة من موقع الدكتور اسامة السعدي استاذ الأثار )
رأي ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير :
بكه لفظة كلدانية , من لغة ابراهيم عليه السلام
يقول (وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ بَكَّةَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ وَضَعَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَمًا عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِسُكْنَى وَلَدِهِ بِنِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَلَدًا مِنَ اللُّغَةِ الْكَلْدَانِيَّةِ، لُغَةِ إِبْرَاهِيمَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا مَدِينَةَ (بَعْلَبَكَّ) أَيْ بَلَدَ بَعْلٍ وَهُوَ مَعْبُودُ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَمِنْ إعجاز الْقُرْآن اخْتِيَار هَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ ذِكْرِ كَوْنِهِ أَوَّلَ بَيْتٍ، فَلَاحِظْ أَيْضًا الِاسْمَ الْأَوَّلَ ) . انتهى كلامه
عجبني تفكير ابن عاشور ولا يختلف احد انه من الافذاذ في الفكر وعلوم القرآن واللغة العربية
ولكني وجدته يستدل على صحة تفسير بكه بالبلد بآات من القرآن الكريم وليس من لغة كلدان
يقول (وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ [النَّمْل: 91] وَقَوْلُهُ: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إِبْرَاهِيم: 35] .
ورغم اني لم ابحث معنى بلده في الكلدانية ولكنها وكلمة بيت في نفس معنى المقر والمقام
اضف الى ذلك ان ابراهيم عليه السلام كان كثير الترحال , وانه زار مصر كما زار الشام بعد خروجه من ارضه بالعراق حاليا , وزار ارض الحجاز وتردد عليها ورفع فيها قواعد البيت الحرام
فإن كان ابراهيم عليه السلام هو من اسماها بكه فلا يستبعد ان تكون بكه هي لفظة من احدى اللغات للبلدان التي زارها
والتي يؤكد المصريون انها لغة مصرية , ولا ننسى ان هاجر عليها السلام التي سكنت تلك البقعة مع ولدها كانت مصرية
واسم بكه اسم قديم في جاء في كتب بني اسرائيل : فقد وجد فيها ان الله كلمهم في الطور : إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو بكة، أخرجتكم من أرض مصر فاعبدوني ولا تعبدوا غيري
ولكن بأي لغة كان ذلك ؟! هل كلمهم بالعبرية لغة اجدادهم ام بالهيروغليفية لغتهم المعاصرة !!؟
الغريب ان احد الباحثين ذكر مره تلميحا إلى ان بكه التي ذكرت في القرآن ليست هي مكه المكرمة التي بالحجاز ؟ تأسيسا على انها لفظة مصرية اذن فهي قد تكون في مصر
لكن القرآن كان واضح وصريح في ان مكه هي مقر البيت الحرام الذي رفع ابراهيم قواعده والذي امر الناس بالحج إليه ( ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ) والحج معلوم والبيت معلوم
ولكن قوله تعالى : ( اول بيت ) كما قال علماء اللغة , ا ناول لا تعني انه اخر
وده يفهم منه انه قد تكون هناك بكة ثانية وبكة ثالثة ورابعة ...الخ
وقد يفهم انذاك ان البيت هو الميقات الذي جمعهم الله فيه فقد امر الله موسى ان يصطفي سبعين من بني اسرائيل لميقات الله او ( لقاء الله او سماع كلامه ) فكأنهم في هذا الميقات ( موضع كلام الله مع موسى ) هم ببكه اي ببيت الله
ووجدنا لذلك صدى واثر في تفسير العزبن عبد السلام قال : ( اتفقوا أنه أول بيت وضع للعبادة، وهل كانت قبله بيوت؟ أو لم تكن قبله؟ مذهبان ) . انتهى كلامه ولم يذكر المذهبان ولكن يفهم من كلامه ان الناس تكلموا حول ذلك مما قديعني وجود ( بكة او بكات) آخرى
وبمعنى ان بكه هي البيت الذي وضع لله أي للعباده , فكل مسجد بهذا المعنى يكون ( بكه )
وبكه في التاريخ القديم او مساجد الله او بيوت الله المعلوم منها حتى الان :
مكه بارض الحجاز.. فيها بكة , ايلياء بيت المقدس ..فيها بكة , جبل الطور في سيناء ..فيه بكه !
والله اعلم.
-----
بقلم أحمد الأسيوطي
-----
بقلم أحمد الأسيوطي