نهاية الظاهر بيبرس , أحد اشهر وأقوى السلاطين من المماليك , نهاية ينطبق عليها المثل القائل : من حفر حفرة لأخيه وقع فيها .
ونترك الكلام للراوي , يقول :
ونترك الكلام للراوي , يقول :
كان القمر قد كسف كسوفا كاملا أظلم له الجوّ وتأوّل ذلك المتأولّون
بموت رجل جليل القدر؛ فقيل: إنّ الملك الظاهر بيبرس لمّا بلغه ذلك حذر على نفسه وخاف
وقصد أن يصرف التأويل إلى غيره لعلّه يسلم من شرّه، وكان بدمشق شخص من أولاد
الملوك الأيّوبيّة، وهو الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك ابن السلطان الملك
المعظّم عيسى ابن السلطان الملك العادل أبى بكر بن أيّوب، فأراد الظاهر، على ما
قيل، اغتياله بالسمّ، فأحضره فى مجلس شرابه فأمر الساقى أن يسقيه قمزّا ممزوجا،
فيما يقال، بسمّ، فسقاه الساقى تلك الكأس فأحسّ به وخرج من وقته، ثم غلط الساقى
وملأ الكأس المذكورة وفيها أثر السمّ، ووقعت الكأس فى يد الملك الظاهر فشربه، فكان
من أمره ما كان.
وقال الشيخ قطب الدين اليونينىّ فى الذّيل على مرآة الزمان فى موت الملك الظاهر هذا نوعا ممّا قاله الأمير بيبرس الدّاوادار لكنّه زاد أمورا
نحكيها، قال:
كان الملك الظاهر مولعا بالنجوم وما يقوله أرباب التقاويم، كثير
البحث عن ذلك، فأخبر أنّه يموت فى سنة ستّ وسبعين ملك بالسمّ، فحصل عنده من ذلك
أثر كبير، وكان عنده حسد شديد لمن يوصف بالشجاعة، واتّفق أنّ الملك القاهر عبد
الملك بن المعظّم عيسى الآتى ذكره لمّا دخل مع الملك الظاهر إلى الروم، وكان يوم
المصافّ، فدام الملك القاهر فى القتال فتأثّر الظاهر منه، ثم انضاف إلى ذلك أنّ
الملك الظاهر حصل منه فى ذلك اليوم فتور على خلاف العادة، وظهر عليه الخوف والنّدم
على تورّطه فى بلاد الروم، فحدّثه الملك القاهر عبد الملك المذكور بما فيه نوع من
الإنكار عليه والتّقبيح لأفعاله، فأثّر ذلك عنده أثرا آخر.
فلمّا عاد الظاهر من غزوته سمع الناس يلهجون بما فعله الملك القاهر، فزاد على ما فى نفسه وحقد عليه، فخيّل فى ذهنه أنّه إذا سمّه كان هو الذي ذكره أرباب النجوم، فأحضره عنده ليشرب القمزّ معه، وجعل الذي أعدّه له من السمّ فى ورقة فى جيبه من غير أن يطّلع على ذلك أحد، وكان للسلطان هنّابات ( كؤوس ) ثلاثة مختصّة به مع ثلاثة سقاة لا يشرب فيها إلّا من يكرمه السلطان، فأخذ الملك الظاهر الكأس بيده وجعل فيه ما فى الورقة خفية، وأسقاه للملك القاهر وقام الملكلخلاء وعاد، فنسى الساقى وأسقى الملك الظاهر فيه وفيه بقايا السمّ.
المصدر : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - ابن تغري بردي
فلمّا عاد الظاهر من غزوته سمع الناس يلهجون بما فعله الملك القاهر، فزاد على ما فى نفسه وحقد عليه، فخيّل فى ذهنه أنّه إذا سمّه كان هو الذي ذكره أرباب النجوم، فأحضره عنده ليشرب القمزّ معه، وجعل الذي أعدّه له من السمّ فى ورقة فى جيبه من غير أن يطّلع على ذلك أحد، وكان للسلطان هنّابات ( كؤوس ) ثلاثة مختصّة به مع ثلاثة سقاة لا يشرب فيها إلّا من يكرمه السلطان، فأخذ الملك الظاهر الكأس بيده وجعل فيه ما فى الورقة خفية، وأسقاه للملك القاهر وقام الملكلخلاء وعاد، فنسى الساقى وأسقى الملك الظاهر فيه وفيه بقايا السمّ.
المصدر : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - ابن تغري بردي