أدبابداعاتبتول يوسفقصص قصيرة

قصة قصيرة “بطولة” تأليف بتول يوسف

ابداعات – نصوص- بتول يوسف :             
_”بسرعةٍ أيُّها الكاتب أريد أن تجعل مني بطلاً” قال الزائر المجهول ممسكاً مضيفه من ياقة قميصه .
جلس الكاتب ببلادة على إحدى الأرائك؛ أشعل سيجارةً ثم توجه بعدها إلى المطبخ ليعد القهوة . تبعه الزائر ملحاً :

– ” ألم تسمعني أريد أن تحولني إلى بطل
التفت الكاتب إلى زائره و همهم يحكُّ رأسه :

-” إذن لم أكن أحلم !” ثم أضاف :”يخيل إليَّ أنّك تورطت في حادثٍ ما وتريد الآن عصاةً سحريةً لتحويلك إلى بطل ..اسمع الأدب لا يتناول المغفلين !
_”لست مغفلاً” اندفع الزائر قائلاً ..ليعقب على ذلك بأسى:” أو ربما أكون
_”لا عليك جميعنا يمتلك جانباً مغفلاً ..كل ما أرجوه ألا يكون جانبك المغفل متورطاً مع الشرطة ..هلا تلاحقك الشرطة ؟
_”لا لست متورطاً مع الشرطة..
_”إذن بما تورطت لتلح عليك البطولة عند الثالثةِ فجراً؟” همهم الكاتب ساخراً .
أجاب الزائر بنبرةٍ حزينةٍ :”إني متورطٌ مع الحب ..إني أحبها” ..
_”و هي ..أتحب الأبطال؟” هتف الكاتب باهتمامٍ مصطنع.
_”بل تحب الكتب ..أجعل مني بطلاً ستقرأني و تراني ستغرق في أدق تفاصيلي و ستلاحق ملاحمي ومآثري في الصحف وبين طيات الكتب ..دعني التقيها بين دفتي كتاب !
_برصانةٍ ارتشف الكاتب قهوته و قال:” الحب ..لتصدق أن هذه أغرب قصصه ..لطالما تهافتنا لنحول العشاق إلى أبطال هذه المرة الأولى التي يهرب إلينا عاشقٌ ليغدو بطلاً !
_”إذن ألا يمكن أن أكون بطلاً ؟
_” أتريد أن تصبح بطلاً لأجلها ؟ ..على أي حال لن تبقى المرأة التي أحببتها يوماً ..البطولة يجب أن تستخدم باستحقاق!
_”هي تستحق ..ثق بأن حبيبتي تستحق!
_”إذن على بركة الله” قال الكاتب بغير اكتراث .
و تبعه الزائر معلقاً:”و هل ستحبني ؟ ..أعني هي قارئةٌ محنكةٌ و أنا و إن كنت سأكون بطلاً فلا أراني إلا بطلاً هزيلاً !
_”بل بطلٌ مغفلٌ” ردد الكاتب.
_”إذن هل بوسعك بذل ما ينبغي لتحبني؟” توسل الزائر .
_”سيحبك سكان هذه البلدة أجمع بعد أن يقرأوا صحيفة الغد !” قال الكاتب بحماس .

صباح اليوم التالي ؛ صدر مقالٌ يتحدثُ عن عاشقٍ طرق باب أحد الكتابِ فجراً ليجعل منه بطلاً ؛ حقق المقال أصداء واسعةً و نال استحسان القراء ؛ فيما هامت السيدات بمأثرة العاشق الوفي و اتخذنه مثلاً للحب الصادق و المشاعر النقية !
على الجانب الآخر ؛ في الحديقةِ بين الأزهار تبدو شابةٌ مظفورة الشعر ؛ تطالع جريدةً و بيدها فنجان شاي ؛ تقضم قطع الخبز بتمهلٍ و اهتمام فيما يقضم البطل أظفاره مرتعداً خلف سور الحديقة ..
حيَّت إحدى المارات الشابة ممازحة:

– “و أنت أيضاً تهيمين بالبطل العاشق“.
ردَّت الحسناء باهتمام:

-“بل إني أهيم بالكاتب العبقري الذي خلق أحداثاً بمثلِ هذه الفرادة ..إن الكاتب هو البطل الحقيقي و لا بطل سواه ..” و انبرت الحبيبة تطنب في مدح الكاتب فتحلل أسلوبه و تفكك نصّه فتارةً تمدح متنه و تارةً تستحسن صياغته و نحوه ، خلف سور الحديقة صرع البطل ؛ يتلوى ألماً إذ أزاحته الحبيبة من البطولة ِ إلى الهامش! .

بقلم بتول يوسف.

بتول يوسف

بتول أحمد يوسف الجنسية سورية , طالبة بكلية الصيدلة .. تهوى كتابة القصص والنثر والنصوص الحرة والمقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

قم بإيقاف اضافة حجب الإعلانات لتتمكن من تصفح الموقع