
ولدت حنة أرندت في 1906 في ألمانيا وهي من أصول يهودية وتوفيت في عام 1975
وهي باحثة ومنظرة سياسية ولم تكن تحب وصفها بالفيلسوفة .
كانت أرندت في شبابها متحمّسة للمشروع الصهيوني كما كان لها أيضا شرف أن تكون من أول المفكرين الذين وقفوا ضد الصهيونية
حيث تفطّنت الفيلسوفة الألمانية Hannah Arendt لجوهر الأطروحة الصهيونيّة في توظيفه لمأساة اليهود في أوروبا خلال الحرب العالميّة الثانية.
موقف حنة أرندت من الصهيونية
أول مواقفها الشجاعة رسالة مفتوحة بعثت بها لصحيفة “النيورك تايمز”الأمريكيّة بتاريخ 2 ديسمبر 1948 أمضتها مع مجموعة من المثقّفين والعلماء
من أهمّهم العالم الفزيائي الشهير”ألبير أنشتاين” الّذي رفض سنة 1952 منصب رئاسة “دولة إسرائيل” الّذي اقترحه عليه دافيد بن غوريون
وكانت الرسالة تنديدا بزيارة “مناحيم بيجن” للولايات المتّحدة الأمريكيّة بعد إرتكاب عصاباته مجزرة “دير ياسين” في أفريل 1948.
وجاء في الرسالة أن فكر وممارسات “حزب الحريّة ” الّذي كان يتزعّمه “بيجن” مستمدّة من عقيدة الأحزاب النازيّة والفاشيّة.
وفي سنة 1961 تابعت “حنّة أرندت” محاكمة النازي “أدولف أيخمان” Adolf Eichmann في مدينة القدس.
وأصدرت في ما بعد كتابا أثار ضجّة كبيرة تحت عنوان “أيخمان في القدس- تقرير حول إبتذال الشر” Eichmann à Jérusalem. Rapport sur la banalité du mal.
إختلف تقرير “حنّة أرندت” عن البروباجندا الرسميّة الصهيونية، حيث انتقدت التوظيف السياسي للمحاكمة من طرف رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ”دافيد بن غوريون”..
الذي أراد من خلال هذه المحاكمة توجيه رسالة ليهود العالم مفادها؛ أنّ مأساتهم منذ ألاف السنين سببها غياب “وطن قومي يهودي” خاص بهم
لذلك عليهم الهجرة لفلسطين، والمساهمة في تشييد دولة قويّة تحميهم من “هولوكوست” جديد.
كما انتقدت “أرندت” في تقريرها السكوت المتعمّد في المحاكمة عن الدور الّذي لعبته “مجالس اليهود” التي تعاونت مع الجلاّد داخل المحتشدات النازيّة.
تعرّضت “حنّة أرندت” بعد إصدارها لكتابها إلى حملة تشويه كبيرة من طرف الحركة الصهيونيّة العالميّة الّتي إتهمتها بالتعاطف مع النازيين
والحال أنّها من ضحايا النازيّة، وبخيانة “قضيّة الشعب اليهودي”.
وذهبت إلى حدّ القول أنّ مواقف “أرندت” المناوئة للصهيونيّة تعود جذورها إلى قصّة حبها وهي طالبة مع الفيلسوف الألماني “مارتن هيدجير”Martin Heidegger الَذي كان مقرّبا من النطام النازي.
عاشت “حنّة أرندت”، بسبب شجاعتها الفكريّة، عزلة قاسية حتّى وفاتها بمدينة نيويورك الأمريكيّة في ديسمبر 1975.
فيلم Hannah Arendt
أخرجت الألمانيّة “مارغريت فون تروتّا” Margarethe Von Trotta سنة 2013 فيلما يحمل عنوان “حنّة أرندت” Hannah Arendt.
وقد أبدعت في تصوير الظلم الذي تعرّضت لها هذه الفيلسوفة التي كانت تردد دومًا :
“أنا لا أنتمي لشعب، أنا أنتمي للفلسفة الألمانيّة”.
في زمن ابتذال الشرّ الذي نعيشه، الإنسانية تحتاج إلى عقل وضمير الفيلسوفة “حنّة أرندت”.
الكاتب : نجيب البكوشي مقالة بعنوان زمن ابتذال الشر
تعليق واحد