ابداعاتبتول يوسفقصص قصيرة

الثلج الدافىء – قصة قصيرة بقلم بتول يوسف

ابداعات -قصص قصيرة – بتول يوسف :

تسقط “ثلجة” من السماء متجمدةً باردة القدمين ، تحسُّ أول سقوطها بدفء ؛ قد أخبرتها السحب بأنَّ الأرض أكثر دفئاً من السماء ،( لن تموت حتماً مازلت تحتفظ بنفسها باردةً ).

خلف النافذةِ المقابلة “نبيل” الصغير ، يراقب مذهولاً هبوط “ثلجة”، يفغر فاه الصغير ويتقلص خداه الورديان بابتسامةٍ لطيفةٍ ، ثم يسرع مكشراً عن قواطعه إلى والدته.. 

_”ث ..ث ..ثلج” قال بحركات احتفاءٍ واضحةٍ مشيراً إلى النافذة ؛ فيما لم تسعفه خبرته القليلة في عالم الأحرف والكلمات،كان الثلج مرسوماً في ذاكرةِ نبيل الصغيرة منذ أن شاهده على التلفاز ، فأخذ يرهق المشرفاتِ في الروضة سارقاً صور الثلج من باقي الأطفال ، فهمت الأم أن طفلها المغرم بالشتاء يودُّ أن يخرج و يلعب ، و ما هي إلا ثوانٍ حتى دثرته بقبعةٍ و معطفٍ و أخرجته ليلعب مع الأولاد .

و ما أن انفتح الباب حتى اختفت ثلجة خلف إصيص الورد و بدأت تراقب .

الثلج الدافىء

كان نبيل كلما اقترب من الأطفال ليلعب ؛ كان يقابل بالصدِّ و الرفض و ذلك لكونه صغيراً لطيفاً يقلُّ عنهم في قدرته على الكلام و تناسق الحركات ، فحركاته ثقيلةٌ و لسانه مبهم الكلمات . لكن نبيل كان مصراً على اللعب و هذه المره كان الرفض عنيفاً ، بحيث دفعه الصبيةُ حتى سقط أرضاً و تأذت ركبتاه .

أخذ نبيل يبكي بصوتٍ قهيرٍ حزينٍ ، و انسكبت من عينيه الواسعتين دمعتان دافئتان ، فيما تراقبه ثلجة من خلف الإصيص .

لم تتمكن ثلجة من كبح حزنها ، بل إن شيئاً بداخلها بدأ يتحرك و يحثها للعب مع نبيل الدافئ ! ستلعب معه محاذرةً حتى تهدأ ثائرته ثم تعود للاختباء .

أخذت ثلجة تقفز أمام نبيل بمرحٍ ، تارةً هنا و تارةً هناك و يطاردها نبيل بكفيه الصغيرتين و ضحكاته الطربه ، فيما تهرب هي مع نسمات الهواء البارد . رفعها الهواء بحيث ظنت أنها تحلق للسماءِ غير عائدةٍ إلى الأرض ، و تحتها ينتظر نبيل الصغير عاضاً على شفتيه و فاتحاً يديه للسماء ، ترى هل يبكي اذا لم تعد ؟ بالطبع يبكي هكذا قلوب الأطفال ..و فجأة توقف النسيم البارد لتتهاوى ثلجة متعمدةً إلى يد نبيل الدافئة . 

و عندما أخذت والدته تمسح قطرات الماء القليلة عن يده ؛ كان نبيل يتساءل ترى أين ثلجة ؟ 

صباح اليوم التالي ؛ ذوبت الشمس كل الثلوج و كأنما لم يكن لها وجود ..إلا ثلجة..”ثلجة الدافئة ” كما أسماها نبيل مؤخراً فهي تغفو في ذاكرته الصغيرة بدفء!

انتهت

بقلم / بتول يوسف

كاتبة سورية وطالبة بكلية الصيدلة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

قم بإيقاف اضافة حجب الإعلانات لتتمكن من تصفح الموقع